نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 256
وسار حتى انتهى إلى أرض سلوقة [1] وكانت بها حية تخرج عن الحد والمقدار ، فرأوها ممتدة فظنوها ميتة ، فهمموا عليها فوجدوها حية . فرجعوا عنها هاربين وتعوذوا منها بالرقا . وتزعم القبط أنه سحرها ، ومنعها من الحركة ، وتركها على حالها ، فلم تتحرك حتى هلكت ويقال إن طول هذه الحية ميل وإنها كانت تبتلع الفيلة . وسار إلى مدينة الكند وهي مدينة الحكماء ، فهربوا إلى جبل وعركان لهم صعدوا إليه من داخل مدينتهم من مواضع لا يقدر هو ولا أصحابه على الصعود فيها ، فأقام على تلك الطريق يحرسها حتى عدم الماء ، ولم يجد منه شيئا وضاع أصحابه ، وكادوا أن يهلكوا عطشا . فنزل إليه رجل منهم يقال له ميدوش وكان من أفاضل الحكماء وقد غطى شعره جسده ، فقال له أيها الملك المغرور أين تريد ، وقد مد لك في الاجل ، ورزقت فوق الكفاية ؟ ففيم تتعب نفسك وجيشك ، هلا قنعت بما تملكه ، واتكلت على خالقك الذي وهبك الغنى ، وأعانك بهذا الخلق ! فعجب نهراوس من قوله وسأله عن الماء فدله عليه . وسأله عن موضعهم إذ لم يكن أصاب في جيشهم أثرا لسكناهم . قال نحن في موضع لا يصل إليه أحد . قال فما معاشكم ؟ قال من أصول نبات لنا نعتصم به ونقنع فيقيتنا ويكفينا اليسير منه . قال فمن أين تشربون ؟ قال من غدران لنا في الأرض يجتمع إليها الماء من الأمطار والثلوج . قال فلم هربتم عنا ؟ قال رغبة عن جواركم ، وزهادة في خلطتكم وكراهة لقربكم ، وإلا فليس لنا ما نخافكم عليه . قال فأين تكونون إذا حميت الشمس ؟ قال في غيران لنا تحت هذا الجبل . قال فهل تحتاجون إلى مال أخلفه لكم ؟ قال إنما يحتاج إلى هذا المال أهل