نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 255
مدينتهم . فقبل ذلك منهم . وسألهم هل ركب هذا البحر أحد قط ؟ فقالوا جميعهم إنه ما يستطيع أحد أن يركبه ، وأخبروه أنه ربما أظله الغمام فلا يرونه أياما . ثم أتاهم الملك الريان فتلقوه بهدايا وفاكهة أكثرها التوت وحجارة سود . فإذا جعلت في الماء صارت بيضاء . وسار على أمم السودان حتى بلغ إلى مملكة الزموم [1] الذين يأكلون الناس ، فخرجوا إليه عراة بأيديهم حراب الحديد ، وخرج ملكهم على دابة عظيمة الخلق لها قرون ، وكان جسيما أحمر العينين فصبر للحرب صبرا عظيما ثم ظفر به الريان ، فانهزموا في أوحال وأدغال وغيران وجبال وعرة ، فلم يتهيأ له أتباعهم فيها . فجاوزهم إلى قوم على خلق القرود لهم أجنحة خفاف يلتفون بها من غير ريش ، ومر على البحر المظلم ، فلما أمعن في السير فيه غشيهم منه غمام فرجع متيامنا ، حتى انتهى إلى جبل نبارس ، فرأى فوقه تمثالا من حجر أحمر يومئ بيده ، أن ارجعوا وعلى صدره مزبورا " ما وراثي أحد " . وانتهى إلى مدينة النحاس فلم يصل إليها ، ثم مضى في الوادي المظلم ، فكانوا يسمعون منه جلبة عظيمة ، ولا يرون شيئا منه لشدة ظلمته . ثم سار حتى انتهى إلى وادي الرمل فرأى على عين أصناما عليها أسماء الملوك قبله ، فأقام صنما وزبر عليه اسمه ، فلما عدا وادي الرمل جاز إلى الخراب المتصل بالبحر الأسود المظلم ، فسمع جلبة وصياحا هائلا ، فخرج في شجعان من أصحابه يتبعون ذلك الصياح حتى أشرف على سباع عظيمة غريبة الخلق مخزمة الأنوف وبعضها يغير على بعض فيأكل بعضها بعضا ، فعلم أنه لا مذهب له من ورائها فرجع وعدى وادي الرمل ، فمر بأرض العقارب فأهلكت بعض أصحابه فرجعوها عن أنفسهم بالنار وبالرقا والعزائم التي كانوا قد عرفوها حتى جاوزها .