نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 186
مبتلى بمرض أورثه اختلالا في الإدراك ، فليراجع الطبيب ، وإما معاند للحق يظهر ما يظهر لدحضه ، فليضرب وليؤلم ، وليمنع مما يقصده ويريده ، وليؤمر بما يبغضه ويكرهه ، إذ لا يرى حقيقة لشئ من ذلك . نعم ، ربما راجع بعضهم هذه العلوم العقلية ، وهو غير مسلح بالأصول المنطقية ولا متدرب في صناعة البرهان ، فشاهد اختلاف الباحثين في المسائل بين الاثبات والنفي والحجج التي أقاموها على كل من طرفي النقيض ، ولم يقدر لقلة بضاعته على تمييز الحق من الباطل ، فتسلم طرفي النقيض في مسألة بعد مسألة ، فأساء الظن بالمنطق ، وزعم أن العلوم نسبية غير ثابتة ، والحقيقة بالنسبة إلى كل باحث ما دلت عليه حجته . وليعالج أمثال هؤلاء بايضاح القوانين المنطقية وإراءة قضايا بديهية لا تقبل الترديد في حال من الأحوال ، كضرورة ثبوت الشئ لنفسه ، واستحالة سلبه عن نفسه ، وغير ذلك ، وليبالغ في تفهيم معاني أجزاء القضايا ، وليؤمروا أن يتعلموا العلوم الرياضية . وهاهنا طائفتان أخريان من الشكاكين ، فطائفة يتسلمون الانسان وإدراكاته ، ويظهرون الشك في ما وراء ذلك ، فيقولون : " نحن وإدراكاتنا ، ونشك فيما وراء ذلك " ، وطائفة أخرى تفطنوا بما في قولهم : " نحن وإدراكاتنا " من الاعتراف بحقائق كثيرة ، من أناسي وإدراكات لهم ، وتلك حقائق خارجية ، فبدلوا الكلام بقولهم : " أنا وإدراكاتي ، وما وراء ذلك مشكوك " . ويدفعه : أن الانسان ربما يخطئ في إدراكاته ، كما في موارد أخطاء الباصرة واللامسة وغيرها من أغلاط الفكر ، ولولا أن هناك حقائق خارجة من الانسان وإدراكاته تنطبق عليها إدراكاته أو لا تنطبق ، لم يستقم ذلك بالضرورة . وربما قيل : إن قول هؤلاء ليس من السفسطة في شئ ، بل المراد أن من المحتمل أن لا تنطبق الصور الظاهرة للحواس وبعينها على الأمور الخارجية ، بما لها من الحقيقة ، كما قيل : " إن الصوت بما له من الهوية الظاهرة على السمع ليس له
186
نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 186