نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 523
ولا يأخذون شيئا في تحقيق ذلك عن فكرهم بل ما يتعدى نطقهم ذوقهم ووجودهم فهم أهل صدق وعلم محقق لا تدخله شبهة عندهم ومن فكر فليس منهم ويصيب ويخطئ وليس صاحب الفكر بصاحب حال ولا ذوق وأما أهل الاعتبار فيكون منهم أصحاب أذواق ويعتبرون عن ذوق لا عن فكر وقد يكون الاعتبار عن فكر فيلتبس على الأجنبي بالصورة فيقول في كل واحد إنه معتبر ومن أهل الاعتبار وما يعلم أن الاعتبار قد يكون عن فكر وعن ذوق والاعتبار في أهل الأذواق هو الأصل وفي أهل الأفكار فرع وصاحب الفكر ليس من أهل الإرادة إلا في الموضع الذي يجوز له الفكر فيه إن كان ثم مما لا يمكن أن يحصل الأمر المفكر فيه إلا به بفتح الكاف فحينئذ يأخذه من بابه وهل ثم أمر بهذه المثابة لا يمكن أن ينال من طريق الكشف والوجود أم لا فنحن نقول ما ثم ونمنع من الفكر جملة واحدة لأنه يورث صاحبه التلبيس وعدم الصدق وما ثم شئ إلا ويجوز أن ينال العلم به من طريق الكشف والوجود والاشتغال بالفكر حجاب وغيرنا يمنع هذا ولكن لا يمنعه أحد من أهل طريق الله بل مانعة إنما هو من أهل النظر والاستدلال من علماء الرسوم الذين لا ذوق لهم في الأحوال فإن كان لهم ذوق في الأحوال كأفلاطون الإلهي من الحكماء فذلك نادر في القوم وتجد نفسه يخرج مخرج نفس أهل الكشف والوجود وما كرهه من كرهه من أهل الإسلام إلا لنسبته إلى الفلسفة لجهلهم بمدلول هذه اللفظة والحكماء هم على الحقيقة العلماء بالله وبكل شئ ومنزلة ذلك الشئ المعلوم والله هو الحكيم العليم ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا والحكمة هي علم النبوة كما قال في داود عليه السلام وإنه ممن آتاه الله الملك والحكمة فقال وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء والفيلسوف معناه محب الحكمة لأن سوفيا باللسان اليوناني هي الحكمة وقيل هي المحبة فالفلسفة معناه حب الحكمة وكل عاقل يحب الحكمة غير أن أهل الفكر خطؤهم في الإلهيات أكثر من إصابتهم سواء كان فيلسوفا أو معتزليا أو أشعريا أو ما كان من أصناف أهل النظر فما ذمت الفلاسفة لمجرد هذا الاسم وإنما ذموا لما أخطئوا فيه من العلم الإلهي مما يعارض ما جاءت به الرسل عليهم السلام بحكمهم في نظرهم بما أعطاهم الفكر الفاسد في أصل النبوة والرسالة ولما ذا تستند فتشوش عليهم الأمر فلو طلبوا الحكمة حين أحبوها من الله لا من طريق الفكر أصابوا في كل شئ وأما ما عدا الفلاسفة من أهل النظر من المسلمين كالمعتزلة والأشاعرة فإن الإسلام سبق لهم وحكم عليهم ثم شرعوا في إن يذبوا عنه بحسب ما فهموا منه فهم مصيبون بالأصالة مخطئون في بعض الفروع بما يتأولونه مما يعطيهم الفكر والدليل العقلي من أنهم إن حملوا بعض ألفاظ الشارع على ظاهرها في حق الله مما أحالته أدلة العقول كان كفرا عندهم فيؤولونه وما علموا إن لله قوة في بعض عباده تعطي حكما خلاف ما تعطي قوة العقل في بعض الأمور وتوافق في بعض وهذا هو المقام الخارج عن طور العقل فلا يستقل العقل بإدراكه ولا يؤمن به إلا إذا كانت معه هذه القوة في الشخص فحينئذ يعلم قصوره ويعلم أن ذلك حق فإن القوي متفاضلة تعطي بحسب حقائقها التي أوجدها الله عليها فقوة السمع لو عرض عليها حكم البصر أحالته والبصر كذلك مع غيره من القوي والعقل من جملة القوي بل هو المستفيد من جميع القوي ولا يفيد العقل سائر القوي شيئا ومن صح له حكم الإرادة المصطلح عليها عند أهل الله عرف هذه المقامات كلها والمراتب كشفا وعرف صورة الغلط في الأشياء وأنه واقع في النسب والوجوه وكل غالط إنما غلط في النسبة حيث نسبها إلى غير جهتها فيأخذها أهل الله فيجعلون تلك النسبة في موضعها ويلحقونها بمنسوبها وهذا معنى الحكمة فأهل الله من الرسل والأولياء هم الحكماء على الحقيقة وهم أهل الخير الكثير جعلنا الله من أهل الإرادة وممن جمع بين العادة وترك العادة من حيث ما تعطيه الشهادة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب السابع والعشرون ومائتان في معرفة حال المراد ) إن المراد هو المجذوب بالحال * في كل حال على حل وترحال يمشي به وهو في بيضاء في دعة * على المقامات من حال إلى حال عناية منه والرحمن يحرسه * بعينه فهو في نعمى وإقبال
523
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 523