responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 522


وأنت المريد فإن المريد لا يكون إلا موجودا وأما الإرادة عندنا فهي قصد خاص في المعرفة بالله وهي أن تقوم به إرادة العلم بالله من فتوح المكاشفة لا من طريق الدلالة بالبراهين العقلية فتحصل له المعرفة بالله ذوقا وتعليما إلهيا فيما لا يمكن ذوقه وهو قوله واتقوا الله ويعلمكم الله وقالت المشايخ في الإرادة إنها ترك ما عليه العادة وقد تكون عادة زيد ما هي عادة عمرو فيترك عمرو عادته بعادة زيد لأنها ليست عادة له ثم اعلم في مذهبنا إنك إذا علمت أن الإرادة متعلقها العدم وعلمت إن العلم بالله مراد للعبد وعلمت أنه لا يحصل العلم به على ما يعلم الله به نفسه لأحد من المخلوقين مع كون الإرادة من المخلوقين لذلك موجودة فالإرادة للعبد ما دام في هذا المقام لازمة لازم حكمها وهو التعلق بالمعدوم والعلم بالله كما قلنا لا يصح وجوده فالعبد حكم الإرادة فيه أتم من كونها فيمن يدرك ما يريد فليست الإرادة الحقيقية إلا ما لا يدرك متعلقها فلا يزال عينها متصفا بالوجود ما دام متعلقها متصفا بالعدم فإن الإرادة إذا وجد مرادها أو ثبت زال حكمها وإذا زال حكمها زال عينها وينبغي للإرادة فينا أن لا تزول فإن مرادها لا يكون وأما من يتكون عن إرادته ما يريد فلا تصحبه الإرادة وجودا وإنما بقيت الإرادة هناك لأن متعلقها آحاد الممكنات وآحادها لا تتناهى فوجودها هناك لا يتناهى ولكن يختلف تعلقها باختلاف المرادات والذي يشير إليه أهل الله في تحقيق الإرادة أنها معنى يقوم بالإنسان يوجب له نهوض القلب في طلب الحق المشروع ليتصف به بالعمل ليرضى الله بذلك فيكون ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه فصاحب الإرادة يسعى في إن يكون بهذه المثابة ثم ما زاد على هذا مما يناله أهل الله من الفتوح والكشف والشهود وأمثال هذه الأحوال فذلك من الله ليست مطلوبة لصاحب الإرادة التي يقتضيها طريق الله إنما جل إرادتهم إن يكونوا على حال مع الله يرضى الله في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم إيثار الجناب الحق لا رغبة في نعيم ينالونه بذلك ولا فرارا من ضده دنيا ولا آخرة بل هم على ما شرع لهم ولله الأمر فيهم بما يشاء لا تخطر لهم حظوظ نفوسهم بخاطر هذا أتم ما توجبه الإرادة في المريد وإن خطر لهم حظ في ذلك فما خرجوا عن حكم الإرادة ولكن يكون صاحب الحظ النفسي ناقص المقام بالنظر إلى الأول مع كونه صاحب إرادة كما قال تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض مع أن النبوة موجودة فما زالوا من النبوة مع فضل بعضهم على بعض وأما معنى قول الطائفة في الإرادة إنها لوعة يجدها المريد تحول بينه وبين ما كان عليه مما يحجبه عن مقصوده فصحيح غير أنه ثم أمر تعطيه المعرفة بالله إذا حصل له العلم بالله من طريق الكشف والتعليم الإلهي فلا يبقى شئ يتصف به العبد يحجبه عن مقصوده إذا كان مقصوده الحق فهو يشهده في كل عين وفي كل حال ولا ينال هذا المقام إلا من رضي الله عنه ومن علامات صاحب هذا المقام معانقة الأدب إلا أن يسلب عنه عقله بهذه المشاهدة فلا يطالب بالأدب كالبهاليل وعقلاء المجانين لأنه طرأ عليهم أمر إلهي ضعفوا عن حمله فذهب بعقولهم في الذاهبين وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وبقي من حالته هذه حكمه حكم الحيوان ينال جميع ما يطلبه حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح وكلام من غير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما يكشف الحيوان وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يخور ويقول سعيدهم قدموني قدموني ويقول الشقي إلى أين تذهبون بي ويشاهدون عذاب القبر ويرون ما لا يراه الثقلان كذلك هذا الذي ذهب الله بعقله فيه حكمه حكم الحيوان وكل دابة وكما هو الميت على حكم ما مات عليه كذلك هذا البهلول هو على حكم ما ذهب عنده عقله فهو معدود في الأموات بذهاب عقله معدود في الأحباء بطبعه فهو من السعداء الذين رضي الله عنهم كمسعود الحبشي وعلي الكردي وجماعة رأيناهم بهذه المثابة بالشام وبالمغرب وهم من عباد الله على مثل هذا الحال نفعنا الله بهم ومهما رد على من هذه حاله عقله وهو في الحياة الدنيا فإنه من حينه يلازم الآداب الشرعية ويعانقها ومن أبقى عليه عقله كان عند القوم أتم وأعلى قيل للشيخ أبي السعود بن الشبل ما تقول في هؤلاء المجانين من أهل الله فقال رضي الله عنه هم ملاح ولكن العاقل أملح يشير إلى أن العناية بمن أبقى عليه عقله أتم فهذا أصل ما يرجع إليه مجموع أقوال أهل الله في الإرادة المصطلح عليها عندهم وإن اختلفت عباراتهم فهم بين أن ينطقوا في ذلك بأمر كلي أو بأمر جزئي بحسب ذوقه وما يترجح عنده في حاله فإنهم لا يتعدون في العبارة عن الشئ ما يعطيه ذوقهم ولا يتصنعون ولا يتعملون

522

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 522
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست