نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 468
جعلت لها الاسم الإلهي القوي مع وجود هذا اللطف فيها من الاسم الإلهي اللطيف قلنا صدقت لتعلم أني ما قصدت الاسم الإلهي المعين في إيجاد صنف من أصناف الممكنات إلا لكون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه مع أنه ما من ممكن يوجد إلا وللأسماء الإلهية المتعلقة بالأكوان فيه أثر لكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما فيه فلهذا ننسبه إليه كما نسبت يوم السبت لصاحب السماء السابعة والأحد لصاحب السماء الرابعة وهكذا كل يوم لصاحب سماء ومع هذا فلكل صاحب سماء في كل يوم حكم وأثر لكن صاحب اليوم الذي ننسبه إليه أكثر حكما وأقواه فيه من غيره فاعلم هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الفصل السابع والثلاثون ) في الاسم الإلهي الجامع وتوجهه على إيجاد الإنسان وله من الحروف حرف الميم وله من المنازل المقدرة الفرع المؤخر الاسم الجامع هو الله ولهذا جمع الله لنشأة جسد آدم بين يديه فقال لما خلقت بيدي وأما خلق الله السماء بأيد فتلك القوة فإن الأيد القوة قال تعالى داود ذا الأيد أي صاحب القوة ما هو جمع يد وقد جاء في حديث آدم قوله اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة فلما أراد الله كمال هذه النشأة الإنسانية جمع لها بين يديه وأعطاها جميع حقائق العالم وتجلى لها في الأسماء كلها فحازت الصورة الإلهية والصورة الكونية وجعلها روحا للعالم وجعل أصناف العالم له كالأعضاء من الجسم للروح المدبر له فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم كما أنه إذا فارق منه ما فارق كان فراقه لذلك الصنف من العالم كالخدر لبعض الجوارح من الجسم فتتعطل تلك الجارحة لكون الروح الحساس النامي فارقها كما تتعطل الدنيا بمفارقة الإنسان فالدار الدنيا جارحة من جوارح جسد العالم الذي الإنسان روحه فلما كان له هذا الاسم الجامع قابل الحضرتين بذاته فصحت له الخلافة وتدبير العالم وتفصيله فإذا لم يحز إنسان رتبة الكمال فهو حيوان تشبه صورته الظاهرة صورة الإنسان وكلامنا في الإنسان الكامل فإن الله ما خلق أولا من هذا النوع إلا الكامل وهو آدم عليه السلام ثم أبان الحق عن مرتبة الكمال لهذا النوع فمن حازها منه فهو الإنسان الذي أريده ومن نزل عن تلك الرتبة فعنده من الإنسانية بحسب ما تبقي له وليس في الموجودات من وسع الحق سواه وما وسعه إلا بقبول الصورة فهو مجلي الحق والحق مجلي حقائق العالم بروحه الذي هو الإنسان وأعطى المؤخر لأنه آخر نوع ظهر فأوليته حق وآخريته خلق فهو الأول من حيث الصورة الإلهية والآخر من حيث الصورة الكونية والظاهر بالصورتين والباطن عن الصورة الكونية بما عنده من الصورة الإلهية وقد ظهر حكم هذا في عدم علم الملائكة بمنزلته مع كون الله قد قال لهم إنه خليفة فكيف بهم لو لم يقل لهم ذلك فلم يكن ذلك إلا لبطونه عن الملائكة وهم من العالم الأعلى العالم بما في الآخرة وبعض الأولى فإنهم لو علموا ما يكون في الأولى ما جهلوا رتبة آدم عليه السلام مع التعريف وما عرفه من العالم إلا اللوح والقلم وهم العالون ولا يتمكن لهم إنكاره والقلم قد سطره واللوح قد حواه فإن القلم لما سطره سطر رتبته وما يكون منه واللوح قد علم علم ذوق ما خطه القلم فيه قال الله تعالى لإبليس استكبرت أم كنت من العالين على طريق استفهام التقرير بما هو به عالم ليقيم شهادته على نفسه بما ينطق به فقال أنا خير منه فاستكبر عليه لا على أمر الله وما كان من العالين فأخذه الله بقوله وكان من الكافرين نعمة الله عليه حين أمره بالسجود لآدم وألحقه بالملأ الأعلى في الخطاب بذلك فحرمه الله لشؤم النشأة لعنصرية ولولا إن الله تعالى جمع لآدم في خلقه بين يديه فحاز الصورتين وإلا كان من جملة الحيوان الذي يمشي على رجليه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثيرون ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران فالكمل هم الخلائف واستخدم الله له العالم كله فما من حقيقة صورية في العالم الأعلى والأسفل إلا وهي ناظرة إليه نظر كمال أمينة على سر أودعها الله إياه لتوصله إليه وقولي صورية أي لها صورة معينة في العالم تحوز مكانها ومكانتها وهذا القدر من الإشارة إلى حكم هذا الاسم الإلهي الجامع في هذا النوع كاف في حصول الغرض من نفس الرحمن فإنه حاز العماء كله ولهذا كان له حرف الميم من حيث صورته وهو آخر الحروف وليس بعده إلا الواو الذي هو للمراتب فيدخل فيه الحق والخلق لعموم الرتبة فلنذكرها في الفصل الذي يلي هذا الفصل وأي اسم لها فنقول ( الفصل الثامن والثلاثون ) في الاسم الإلهي رفيع الدرجات ذي العرش وتوجهه على تعيين المراتب لا على إيجادها
468
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 468