نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 469
لأنها نسب لا تتصف بالوجود إذ لا عين لها ولها من الحروف حرف الواو ومن المنازل المقدرة الرشاء وهو الحبل الذي للفرع وهذه صورته في الهامش اعلم أن المراتب كلها إلهية بالأصالة وظهرت أحكامها في الكون وأعلى رتبة إلهية ظهرت في الإنسان الكامل فأعلى الرتب رتبة الغني عن كل شئ وتلك الرتبة لا تنبغي إلا لله من حيث ذاته وأعلى الرتب في العالم الغني بكل شئ وإن شئت قلت الفقر إلى كل شئ وتلك رتبة الإنسان الكامل فإن كل شئ خلق له ومن أجله وسخر له لما علم الله من حاجته إليه فليس له غنى عنه والحاجة لا تكون إلا لمن بيده قضاؤها وليس إلا الله الذي بيده ملكوت كل شئ فلا بد أن يتجلى لهذا الإنسان الكامل في صورة كل شئ ليؤدي إليه من صورة ذلك الشئ ما هو محتاج إليه وما يكون به قوامه ولما اتصف الله لعباده بالغيرة أظهر حكمها فأبان لهم أنه المتجلي في صورة كل شئ حتى لا يفتقر إلا إليه خاصة فقال عز وجل يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله فافهم وتحقق ركون الناس إلى صور الأسباب وافتقارهم إليها وأثبت الله افتقار الناس إليه لا إلى غيره ليبين لهم أنه المتجلي في صور الأسباب وأن الأسباب التي هي الصور حجاب عنه ليعلم ذلك العلماء لعلمهم بالمراتب واعلم أن لكل اسم من الأسماء مرتبة ليست للآخر ولكل صورة في العالم رتبة ليست للصورة الأخرى فالمراتب لا تتناهى وهي الدرجات وفيها رفيع وأرفع سواء كانت إلهية أو كونية فإن الرتب الكونية إلهية فما ثم رتبة إلا رفيعة وتقع المفاضلة في الرفعة ومن هنا تعرف مال الثقلين عرفان ذوق فإن ما لهم لا بد أن يكون إلى مرتبة إلهية وما عدا الثقلين فما لهم معروف عند العلماء الإلهيين ومال الثقلين لا يعلم مرتبته إلا الخصوص من العلماء بالله وإنما كان لها الواو لأن الواو لها الستة من مراتب العدد وهي أول عدد كامل والكمال في العالم إنما كان بالمرتبة فأعطيناه الواو ومن المنازل الرشاء وهو الحبل والحبل الوصل وبه يكون الاعتصام كما هو بالله فأنزل الحبل منزلته فلو لا إن رتبة الحبل أعطت ذلك ما ثبت قوله واعتصموا بحبل الله كما قال واعتصموا بالله فافهم أين جعل رتبة الحبل وبأي اسم قرنه وإلى أي اسم أضافه واعلم أنه لولا الصور ما تميزت الأعيان ولولا المراتب ما علمت مقادير الأشياء ولا كانت تنزل كل صورة منزلتها كما قالت عائشة أنزلوا الناس منازلهم وبالرتبة علم الفاضل والمفضول وبها ميز بين الله والعالم وبها ظهرت حقائق ما هي عليه الأسماء الإلهية من عموم التعلق وخصوصه فلنذكر في هذا الفصل مناسبة الأسماء الإلهية التي ذكرناها للحروف التي عيناها والمنازل التي أوردناها ليرتبط الكل بعضه ببعضه فكما جمع العماء صور الموجودات الذي هو النفس الإلهي كذلك جمع الحروف النفس الإنساني كما جمع الفلك المنازل المقدرة لنزول الدراري فيها المبينة مقادير البروج في الفلك الأطلس فنقول إني ما قصدت بهذا المساق ترتيب إيجاد العالم وإنه وجد هذا بعد هذا فإن ترتيب إيجاد العالم قد ذكرناه في هذا الكتاب وإنه على خلاف ما يقوله حكماء الفلاسفة وإنما قصدنا معرفة ما أثرت الأسماء الإلهية في الممكنات في ممكن ممكن منها سواء تقدم على المذكور قبله أو تأخر ورتبة الموجودات على ما هي الآن عليه في وصفها وتقييدها وذكرنا المنازل على ما هي الآن عليه في وضعها وترتيب الحروف على مخارجها ولا يلزم من هذا ترتيبها في الكلمات المؤلفة منها فقد تكون الكلمة الأولى من حروف الوسط مثل كلمة كن وقبلها حروف مخارجها متقدمة عليها فتنظر الاسم الإلهي الذي يقتضي أن يكون له الأثر في العالم ابتداء فتجده البديع لأنه لم يتقدم العالم عالم يكون هذا على مثاله فالبديع له الحكم في ابتداء العالم على غير مثال وليس المبدئ كذلك والمعيد يطلب المبدئ ما يطلب البديع والبديع له الحكم في النشأة الآخرة فينا كما كان له الحكم في النشأة الدنيا فإنها على غير مثال هذه النشأة وهو قوله تعالى ولقد علمتم النشأة الأولى يعني أنها كانت على غير مثال سبق وقال كما بدأكم تعودون أي على غير مثال فالبديع حيث كان حكمه ظاهر نفي المثال وما انتفى عنه المثال فهو أول فأعطيناه أول الزمان اليومي وهو الذي ظهر بوجود الشمس في الحمل وأوله الشرطين وأعطيناه من الحروف الهاء فإنها أول حرف ظهر في المخرج الأول والاسم أعطى العين الموجودة والعين الموجودة ظهر بها الزمان الذي هو مقارنة حادث لحادث يسأل عنه بمتى فإن كان الموجود ذا نفس في مادة أعطى الحرف وترتيب المنازل بحلول الشمس لإظهار أعيان الفصول التي بها قوام المولدات فالحروف تحكم على الكلمات والكواكب تحكم على فصول الزمان والأسماء تحكم في الموجودات والأعيان مقسمة بين فاعل ومنفعل فإذا فهمت هذا نسبت كل
469
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 469