نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 467
ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم قال إبليس فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين يعني الذين اصطنعهم الحق لنفسه فجعل من لطفه لإبليس متعلقا يتعلق به في موطن خاص يعرفه العارفون بالله ثم أخبر الله أن الشيطان يعدهم الفقر لقوله تعالى وعدهم فأدرج الرحمة من حيث لا يشعر بها ولو شعر إبليس بهذا الاستدراج الرحماني ما طلب الرحمة من عين المنة ولكن حجبته قرائن الأحوال عن اعتبار الحق صفة الأمر الإلهي فالإسم اللطيف أورث الجان الاستتار عن أعين الناس فلا تدركهم الأبصار إلا إذا تجسدوا وجعل سماعهم القرآن إذا تلي عليهم أحسن من سماع الإنس فإن الإنسان وجد عن الاسم الجامع فما انفرد بخلق الاسم اللطيف الإلهي دون مقابله من الأسماء فلما تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فما قال في آية منها فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالت الجن ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب ثم تلاها بعد ذلك صلى الله عليه وسلم على الإنس من أصحابه فلم يظهر منهم من القول عند التلاوة ما ظهر من الجن فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه إني تلوت هذه السورة على الجن فكانوا أحسن استماعا لها منكم وذكر الحديث ويقول الله عز وجل آمرا وإذ قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وأخبر عن الجن فقال وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم وما قال الله ولا روى عن أحد من الإنس أنه قال مثل هذا القول فأثر فيهم الاسم اللطيف هذه الآثار في المؤمنين منهم والشياطين وهل حكي عن أحد من كفار الإنس قول مثل قول إبليس وهو قوله فبما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين لما قال الله له إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فقطع يأسه منهم أن يكون له عليهم سلطان وحكم فيهم فهم المعصومون والمحفوظون في الباطن وفي الظاهر من الوقوع عن قصد انتهاك حرمة الله فخواطر المعصومين والمحفوظين كلها ما بين ربانية أو ملكية أو نفسية وعلامة ذلك عند المعصوم أنه لا يجد ترددا في أداء الواجب بين فعله وتركه ويجد التردد بين المندوب والمكروه ولا في ترك واجب تركه لا يجد فيه التردد لأن التردد في مثل هذين هو من خاطر الشيطان فمن وجد من نفسه هذه العلامة علم أنه معصوم فقوله لأغوينهم عن تخلق من قوله فبما أغويتني والتزيين الذي جاء به من قوله وعدهم فإنه يتضمنه فما خرج في أفعاله في العباد عن الأمر اللطيف الذي تجعله قرائن الأحوال وعيدا وتهديدا وللظاهر تعلق بالحكم لاستواء الرحمن على العرش واتساع الرحمة وعمومها حيث لم تبق شيئا إلا حكمت عليه ومن حكمها كان قوله واستفزز من استطعت الآيات فتدبر يا ولي حكم هذا الاسم في الجان مؤمنهم وكافرهم إن لم تكن من أهل الكشف والوجود فتتبع ما ذكر الله في القرآن من أخبارهم وحكايات أفعالهم وأقوالهم مؤمنهم وكافرهم ومن أثر الاسم اللطيف لطف إبليس في آدم في قوله هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فصدقه وهو الكذوب ولم يكن كذبه إلا في قوله أنا خير منه ثم علل فقال خلقتني من نار فجمع بين الجهل والكذب فإنه ما هو خير منه لا عند الله ولا في النشأة وفضل بين الأركان ولا فضل بينها في الحقائق فتلطف في الإغواء تلطف المستدرج في الاستدراج والماكر في المكر والخادع في الخداع إن اللطيف من الأسماء معلوم * ولطفه ظاهر في الخلق موسوم هو اللطيف فما يبدو لناظرنا * وكيف يدرك لطف الذات معدوم لطف اللطيف بنا نعت له ولنا * فاللطف في عينه عليه محكوم ثم اعلم أن نسبة الأرواح النارية في الصورة الجرمية أقرب مناسبة للتجلي الإلهي في الصور المشهودة للعين من الجسم الإنساني وما قرب من النسب إلى ذلك الجناب كان أقوى في اللطافة من الأبعد فلا تزال صورة الروح الناري مجهولة عند البشر لا تعلم إلا بإعلام إلهي فإنه إعلام لا يدخله ما يخرجه عن الصدق وكذلك إعلام الأرواح الملكية وأما لو وقع الإعلام من الجن لم نثق به لأنه عنصري الأصل وكل موجود عنصري يقبل الاستحالة مثل أصله والموجود عن الطبيعة من غير وساطة لا يقبل الاستحالة فلهذا لا يدخل أخباره الكذب فلطافته أخفته حتى جهلت صورته فإن قلت فالأرواح الملكية
467
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 467