responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 454


شئ ولا يستحيل إليه شئ وإن كان بهذه المثابة بقية الأركان ولكنه في هذا الركن أظهر حكما منه في غيره واعلم أن كل معلوم يدخله التقسيم فإنه يدخل في الوجود الذهني لا بد من ذلك وقد يكون هذا الداخل في الوجود الذهني ممن يقبل الوجود العيني وقد يكون ممن لا يقبل الوجود العيني كالمحال والذي يقبل الوجود العيني لا يخلو إما أن يكون قائما بنفسه وهو المقول عليه لا في موضوع وإما أن لا يكون فأما قسم ما يكون قائما بنفسه فلا يخلو إما أن يكون متحيزا أو غير متحيز وأما قسم لا في موضوع غير متحيز فلا يخلو إما أن يكون واجب الوجود لذاته وهو الله تعالى وإما أن يكون واجبا بغيره وهو الممكن وهذا الممكن إما أن يكون متحيزا أو غير متحيز والقسمة فيما هو قائم بنفسه من الممكنات فغير المتحيز كالنفوس الناطقة المدبرة لجوهر العالم النوراني والطبيعي والعنصري والمتحيز إما أن يكون مركبا ذا أجزاء وإما أن لا يكون ذا أجزاء فإن لم يكن ذا أجزاء فهو الجوهر الفرد وإن كان ذا أجزاء فهو الجسم وأما القسم الذي هو في موضوع وهو الذي لا يقوم بنفسه ولا يتحيز إلا بحكم التبعية فلا يخلو إما أن يكون لازما للموضوع أو غير لازم في رأى العين وأما في نفس الأمر فلا شئ مما لا يقوم بنفسه يكون باقيا في نفس الأمر زائدا على زمان وجوده لكن منه ما تعقبه الأمثال ومنه ما يعقبه ما ليس بمثل فأما الذي يعقبه الأمثال فهو الذي يتخيل أنه لازم كصفرة الذهب وسواد الزنجي وأما الذي لا تعقبه الأمثال فهو المسمى بالعرض واللازم يسمى صفة وليست المعلومات التي لها وجود عيني سوى ما ذكرنا واعلم أن العالم واحد بالجوهر كثير بالصورة وإذا كان واحدا بالجوهر فإنه لا يستحيل وكذلك الصورة أيضا لا تستحيل لما يؤدي إليه من قلب الحقائق فالحرارة لا تكون برودة واليبوسة لا تكون رطوبة والبياض لا يستحيل سوادا والتثليث لا يصير تربيعا لكن الحار قد يوجد بارد إلا في زمان كونه حارا وكذلك البارد قد يوجد حار إلا في زمان كونه باردا وكذلك الأبيض قد يكون أسود بمثل ما ذكرنا والمثلث قد يكون مربعا فبطلت الاستحالة فالأرض والماء والهواء والأفلاك والمولدات صور في الجوهر فصور تخلع عليه فيسمى بها من حيث هيأة وهو الكون وصور تخلع عنه فيزول عنه بزوالها ذلك الاسم وهو الفساد فما في الكون استحالة يكون المفهوم منها أن عين الشئ استحال عينا آخر إنما هو كما ذكرنا والعالم في كل زمان فرد يتكون ويفسد ولا بقاء لعين جوهر العالم لولا قبول التكوين فيه فالعالم يفتقر على الدوام أما افتقار الصور فلبروزها من العدم إلى الوجود وأما افتقار الجوهر فلحفظ الوجود عليه إذ من شرط وجوده وجود تكوين ما هو موضوع له لا بد من ذلك وكذلك حكم الممكن القائم بنفسه الذي لا يتحيز هو موضوع لما يحمله من الصفات الروحانية والإدراكات التي لا بقاء لعينه إلا بها وهي تتجدد عليه تجدد الأعراض في الأجسام وصورة الجسم عرض في الجوهر وأما الحدود إنما محلها الصور فهي المحدودة ولا بد أن يوجد في حدها الجوهر الذي تظهر فيه وبهذا القدر يسمون الصور جوهرا لكونهم يأخذون الجوهر في حد الصورة وبالجملة فالنظر في هذه الأمور من غير طريق الكشف الإلهي لا يوصل إلى حقيقة الأمر على ما هي عليه لا جرم أنهم لا يزالون مختلفين ولهذا عدلت الطائفة السعيدة المؤيدة بروح القدس إلى التجرد عن أفكارها والتخلص عن قيد قواها واتصلت بالنور الأعظم فعاينت الأمر على ما هو عليه في نفسه إذ كان الحق عز وجل بصرها فلم تشاهد إلا حقا كما قال الصديق ما رأيت شيئا ألا رأيت الله قبله فيرى الحق ثم يرى أثره في الكون وهو الوقوف على كيفية الصدور فكأنه عاين الممكنات في حال ثبوتها عند ما رش على ما رش منها من نوره الأعظم فاتصفت بالوجود بعد ما كانت تنعت بالعدم فمن هذا مقامه فقد ارتفع عنه غطاء العمي والحيرة فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فما جعل العلم إلا في الشهود فالحاكم يحكم بغلبة ظنه والشاهد يشهد بعلم لا بظن ثم اعلم أن أجسام العالم تنقسم إلى لطيف وكثيف وشفاف وكدر ومظلم ومنور وإلى كبير وصغير وإلى مرئي وغير مرئي فالوجود كله عطاء ليس عند الله منع كل ما منه عطاء فإذا ما قيل منع لم يكن الإعطاء فإنا ما بين شيئين غطاء ووطاء وأنا لكل ما في الكون من خير وعاء فالرجل الذي رأى الحق حقا فاتبعه وحكم الهوى وقمعه فإذا جاع جوع اضطرار وحضر بين يديه أشهى ما يكون من الأطعمة تناول منه بعقله لا بشهوته ودفع به سلطان ضرورته ثم أمسك عن الفضل غنا نفس وشرف همة

454

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست