responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 453


وتوحي إليهم قوله سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب هم الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور الذي في السماء السابعة المخلوقين من قطرات ماء نهر الحياة في انتفاض الروح الأمين من انغماسه ولهذا قرن الملائكة بالمجاهدين في التثبيت مع الماء المنزل لنثبت به الاقدام فقد أبان الله في هذه عن مرتبة الماء من مراتب الملائكة ليعقلها العالمون من عباد الله وما يعقلها إلا العالمون فجعل الله من الماء كل شئ حي وهذا الركن هو الذي يعطي الصور في العالم كله وحياته في حركاته ثم إن هذا الركن جعله الله مالحا لما فيه من مصالح العالم فإنه بما فيه من الملوحة يصفي الجو من الوخم والعفونات التي تطرأ فيه من أبخرة الأرض وأنفاس العالم وذلك أن الأرض بطبعها ما تعطي التعفين لأنها باردة يابسة فيحصل فيها من الماء رطوبات عرضية تكثر فإذا كثرت وسخنتها أشعة الكواكب مثل الشمس وغيرها بمرور هذه الأشعة على الأثير ثم بما في جو الأرض من حركات الهواء المنضغط فإن الحركة سبب موجب لظهور الحرارة ويظهر ذلك في الحمامات في الأرض الكبريتية فإذا تضاعفت كمية الحرارة على هذه الرطوبات صعدت بها علوا بخارا فمن هنالك يطرأ التعفين في الجو فيذهب ذلك التعفين ما في البحر من الملوحة فيصفو الجو وذلك من رحمة الله بخلقه فلا يشعر بذلك إلا العلماء من عباد الله ثم إن الله جعل للبقاع في الماء حكما وأصل ذلك الحكم من الماء هذا هو العجب فجعل من الأرض سباخا تعطي ماء مالحا إذا عظم ذلك منها وتعطي فعاما ومرا وزعاقا كما تعطي أيضا عذبا فراتا كل ذلك بجعل الله تعالى وأصل هذا كله مما أعطى الماء الأرض من الرطوبات وأعطاها الهواء والحركات من الحرارة وتختلف أمزجة الأرض فمن الماء عذب فرات لمصالح العباد فيما يستعملونه من الشرب وغير ذلك ومنه ملح أجاج لمصالح العباد فيما يذهب به من عفونات الهواء فما من ركن إلا وقد جعله الله مؤثرا ومؤثرا فيه أصل ذلك في العلم الإلهي وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني وكل مؤثر فيه من العالم فمن الإجابة الإلهية وأما اسم الفاعل من ذلك فهو معلوم عند كل أحد فما نبهنا إلا على ما يمكن أن يغفل عنه أكثر الناس كما قال في أشياء ولكن أكثر الناس لا يعلمون ثم إن الله عز وجل ما جعل التكوينات التي هي دواب البحر في البحر الملح إلا في العذب منه خاصة فلو لا وجود الهواء فيه والماء العذب ما تكون فيه حيوان ألا ترى البخار الصاعد من الأنهار والبحار ولا سيما في زمان البرد ذلك هو النفس يصعد من الأرض ومن البحر كما يخرج النفس من المتنفس يطلب ركنه الأعظم فيستحيل ماء ويلحق بعنصره منه على قدر ما سبق في علم الله من ذلك فهو دولاب دائر منه يخرج وإليه يرجع بعضه أصله في العلم الإلهي إن الله كان ولا شئ وأوجد الأشياء وأظهر فيها الدعاوي بما جعل فيها من استحالات بعضها إلى بعض وبما أعطاها من القوي التي تفعل بها وقال بعد هذا كله وإليه يرجع الأمر كله فجعل صعود البخار من الماء وهو ماء استحال هواء يسمى بخارا ليقع الفرق بين الهواء الأصلي وبين الهواء المستحيل ثم يصير غما ما متراكما ثم ينزل ماء كما كان أول مرة فعاد إلى أصله الذي خرج منه ثم يعود الدور فلهذا شبهناه بالدولاب وقلنا إنه يرجع وذلك بتقدير العزيز العليم انتهى الجزء الثالث والعشرون ومائة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الفصل الحادي والثلاثون ) في الاسم إلهي المميت وتوجهه على إيجاد ما يظهر في الأرض وله حرف الصاد المهملة ومن المنازل البلدة قال تعالى خلق الأرض في يومين وقال وقدر فيها أقواتها وهي أول مخلوق من الأركان ثم الماء ثم الهواء ثم النار ثم السماوات وأخبر تعالى عنها بأمور تقضي أنها تعقل فوصفها بالقول والإباية وقال لها وقالت له ونعتها بالطاعة والأخذ بالأحوط ليدل بذلك على علمها وعقلها وجعلها محلا لتكوين المعادن والنبات والحيوان والإنسان وجعلها حضرة الخلافة والتدبير فهي موضع نظر الحق وسخر في حقها جميع الأركان والأفلاك والأملاك وأنبت فيها من كل زوج بهيج من كل ذكر وأنثى وما جمع لمخلوق بين يديه سبحانه إلا لما خلق منها وهي طينة آدم عليه السلام خمرها بيديه وهو ليس كمثله شئ وأقامها مقام العبودية فقال الذي جعل لكم الأرض ذلولا وجعل لها مرتبة النفس الكلية التي ظهر عنها العالم كذلك ظهر عن هذه الأرض من العالم المولدات إلى مقعر فلك المنازل وهذا الركن لا يستحيل إلى

453

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست