نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 455
فذلك سيد الوقت فاقتد به وذلك صورة الحق أنشأها الله صورة جسدية بعيدة المدى لا يبلغ مداها ولا يخفى طريق هداها وهذا هو طبع الأرض فهي الذلول التي لا تقبل الاستحالة فيظهر فيها أحكام الأركان ولا يظهر لها حكم في شئ تعطي جميع المنافع من ذاتها هي محل كل خير فهي أعز الأجسام لا تزاحم المتحركات بحركتها لأنها لا تفارق حيزها يظهر فيها كل ركن سلطانه وهي الصبور القابلة الثابتة الراسية سكن ميدها جبالها التي جعلها الله أوتادها لما تحركت من خشية الله آمنها الله بهذه الأوتاد فسكنت سكون الموقنين ومنها تعلم أهل اليقين يقينهم فإنها الأم التي منها أخرجنا وإليها نعود ومنها نخرج تارة أخرى لها التسليم والتفويض هي ألطف الأركان معنى وما قبلت الكثافة والظلمة والصلابة إلا لستر ما أودع الله فيها من الكنوز لما جعل الله فيها من الغيرة فحار السعاة فيها فلم يخرقوها ولا بلغوا جبالها طولا أعطاها صفة التقديس فجعلها طهورا في أشرف الحالات وذلك عند الاضطرار لما أقامها مقامه مثل الظمآن يرى السراب فيحسبه ماء فإذا جاءه لم يجده شيئا يعني ماء ووجد الله عنده فما وجد الله إلا عند الضرورة كذلك طهارة الأرض لا تكون إلا لفاقد الماء على ما كان من الأحوال فانظر ما أشرف منزلها ثم أنزلتها منزلة النقطة من المحيط فهي تقابل بذاتها كل جزء من المحيط وينظر إليها كل جزء من المحيط فكل خط منها يخرج إلى المحيط على السواء والاعتدال لأنها ما تعطي إلا بحسب صورتها وكل خط من المحيط إليها يقصد فلو زالت زال المحيط ولو زال المحيط لم يلزم زوالها فهي الدائمة الباقية في الدنيا والآخرة أشبهت نفس الرحمن في التكوين واعلم أن الله تعالى قد جعل هذه الأرض بعد ما كانت رتقا كالجسم الواحد كما كانت السماء ففتق رتقها وجعلها سبعة أطباق كما فعل بالسموات وجعل لكل أرض استعداد انفعال لأثر حركة فلك من أفلاك السماوات وشعاع كوكبها فالأرض الأولى وهي التي نحن عليها للفلك الأول من هناك ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ولذلك قال ع فيمن غصب شبرا من الأرض طوقه الله به من سبع أرضين لأنه إذا غصب شيئا من الأرض كان ما تحت ذلك المغصوب مغصوبا إلى منتهى الأرض ولو لم تكن طباقا بعضها فوق بعض لبطل معقول هذا الخبر وكذلك الخبر الوارد في سجود العبد على الأرض طهر الله بسجدته إلى سبع أرضين وقال تعالى إن السماوات والأرض كانتا رتقا أي كل واحدة منهما مرتوقة ثم قال ففتقناهما يعني فصل بعضها من بعض حتى تميزت كل واحدة عن صاحبتها كما قال خلق سبع سماوات طباقا ومن الأرض مثلهن الظاهر يريد طباقا ثم قال يتنزل الأمر بينهن أي بين السماوات والأرض ولو كانت أرضا واحدة لقال بينهما هذا هو الظاهر وهو الذي يعطيه الكشف والأمر النازل بينهن هذا الأمر الإلهي الذي يكون بين السماء الدنيا والأرض التي نحن عليها ينزل من السماء ثم يطلب أرضه وهو قوله وأوحى في كل سماء أمرها فذلك الأمر هو الذي ينزل إلى أرضه بما أوحى الله فيه على عامر تلك الأرض من الصور والأرواح وجعل هذه الأرض سبعة أقاليم واصطفى من عباده المؤمنين سبعة سماهم الأبدال لكل بدل إقليم يمسك الله وجود ذلك الإقليم به فالإقليم الأول ينزل الأمر إليه من السماء الأولى من هناك وتنظر إليه روحانية كوكبه والبدل الذي يحفظه على قلب الخليل عليه السلام والإقليم الثاني ينزل الأمر إليه من السماء الثانية وتنظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب موسى عليه السلام والإقليم الثالث ينزل إليه الأمر الإلهي من السماء الثالثة وتنظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب هارون ويحيى عليهما السلام بتأييد محمد عليه الصلاة والسلام والإقليم الرابع ينزل الأمر إليه من قلب الأفلاك كلها وتنظر إليه روحانية كوكبها الأعظم والبدل الذي يحفظه على قدم إدريس عليه السلام وهو القطب الذي لم يمت إلى الآن والأقطاب فينا نوابه والإقليم الخامس ينزل إليه الأمر من السماء الخامسة وتنظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظ الله به ذلك الإقليم على قلب يوسف عليه السلام ويؤيده محمد صلى الله عليه وسلم والإقليم السادس ينزل الأمر إليه من السماء السادسة وتنظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب عيسى روح الله ويحيى عليهما السلام والإقليم السابع ينزل الأمر إليه من السماء الدنيا وينظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب آدم عليه السلام واجتمعت بهؤلاء الأبدال السبعة بحرم مكة خلف حطيم الحنابلة وجدتهم يركعون هناك فسلمت عليهم وسلموا علينا وتحدثت معهم
455
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 455