نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 413
والسر في ذلك أن الأحكام العقلانية والعرفية كانت سارية المفعول في صدر الإسلام حين كان المعصومون عليهم السلام موجودين وناطقين بالحق فيما سكت عنه المعصومون من ذلك كان ذلك إقرارا له ، وإقرار المعصوم حجة فيكون بنفسه سببا لاستكشاف الحكم الشرعي بالرغم من مصدره العقلاء أو العرف . يستثنى من ذلك أمران : الأمر الأول : السيرة العقلائية أو العرفية المنهي عنها شرعا فإن النهي عنه ينافي إقراره كالنهي عن القياس والغناء وغيرهما . الأمر الثاني : ما كان من حكم العقلاء والعرف متأخرا عن عصر المعصومين بحيث لا يكون لهم وجهة نظر معروفة اتجاهه ولو بمعنى أعم وأشمل فإن السيرة حينئذ لا تكون حجة فيه . وإنما نحتاج في الاستدلال في مثل ذلك المورد إلى دليل من نوع آخر . المستوي الثالث : موقف الشرع من القانون . ويفيدنا في المقام ما قلناه قبل قليل من أن العقل غير مطلع على المصالح والمفاسد الواقعية اطلاعا كاملا مضافا إلى أن واضع القانون شخص له مصالحه وارتباطاته الاجتماعية والاقتصادية التي قد تؤثّر عليه من حيث يعلم أو لا يعلم ويكفينا في ذلك الاحتمال بالحكم بعدم الحجيّة . وليس في جانب القانون ما هو مشابه للسيرة العقلائية من إقرار المعصومين لها لأن القوانين الرومانية والجرمانية وإن كانت سارية المفعول يومئذ لم تكن معروفة إطلاقا في الشرق الأوسط فلا نتوقع صدور النهي عن شيء غير معروف . نعم ما كان من القوانين مشتقا من المصادر الأخرى كمصدر الشرع أو العقل والعقلاء أمكن الأخذ به بصفته معترفا به في الشريعة . فقد نحصل من مجموع ما سبق أن المهم في المعروف هو الأمر الشرعي دون غيره إلَّا إذا كان معترفا به شرعا والأمر بالمعروف يعني إبلاغ
413
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 413