نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 412
وهذه القاعدة قد يراد منها القضية الخارجية يعني أننا لم نجد حكما عقليا إلَّا وقد أمضاه الشارع المقدس وحكم على طبقه وقد يراد بها القاعدة النظرية يعني أن هذا ما يجب أن يكون دائما . والفرق بين الفهمين أننا إذا شككنا في حكم عقلي بأن الشارع هل حكم على طبقه أم لا لزمنا الالتزام بالحكم الشرعي إذا كانت القضية نظرية عامة بخلاف ما إذا كانت قضية خارجية . ولا شك أننا من الناحية الخارجية أو الواقعية لم نجد حكما عقليا إلَّا وعلى طبقه حكم شرعي سواء كان أمرا أو نهيا وسواء كان ذلك على مستوي الإلزام أو غيره . وأما من الناحية النظرية فممّا لا شك فيه أن الشارع لا يمكن أن يعاكس الحكم العقلي لأن حكم العقل عدل ويستحيل على الحكم الشرعي النهي عن العدل فلو أمر العقل بشيء استحال النهي عنه شرعا ولو نهى العقل عن شيء استحال الأمر به شرعا . غير أن التساوق بين الإثباتين يعني إذا أمر العقل أمر الشرع وإذا نهى الشرع نهى العقل فهذا ممّا لا دليل عليه لا في الكتاب ولا في السنّة ولا العقل لأن أحكام العقل وإن كانت عدلا إلَّا أنها قائمة على تصوّرات ضيقة للواقع الذي نعيشه لأن الشارع المقدس وهو اللَّه سبحانه وتعالى هو علَّام ، الغيوب والمطلع على الخفيات أضعاف ما يفهمه العقل فقد تخفى على العقل بعض الجوانب التي لا تخفى على اللَّه سبحانه ، ومن هنا كان الحكم الشرعي أوثق في الاطَّلاع على المصالح والمفاسد من اطَّلاع العقل . ومعه فإذا أمر العقل أو نهى عن شيء في حدود تصوّر المصلحة والمفسدة فقد يكون الشارع المقدس مدركا لجهات أخرى غفل عنها العقل ، إذن من الممكن أن يحكم بحكم آخر غير حكم العقل ولا يستفاد من حكم العقل وجود الحكم الشرعي المساوق له . المستوي الثاني : موقف الشرع من العقلاء والعرف ، وقد أسّس في علم الأصول أن الأصل فيها صحتها شرعا ما لم يرد النهي عنها في الشريعة .
412
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 412