نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 406
الصورة الثالثة : فيما إذا كان الأمر بالمعروف موجها إلى جماعة أو مجتمع ، وتوقّف على القتال . وهو افتراض لم يسجل في رسائل الفقهاء ، إلَّا أنه قد يحصل على أي حال . إذن ، فالفرق بين الوظيفتين ليس هو الحرب وعدمها . نعم ، لو لاحظنا الغالب ، لكان كذلك لأن الأغلب في الجهاد هو الحرب والأغلب في غيره عدمه . ولكن مع التدقيق يرتفع هذا التفريق . المستوي الثالث : قالوا : إن الوظيفتين تختلفان في المتعلق بمعنى الشخص المدعو فردا أو جماعة أو مجتمعا . ففي الجهاد يكون المدعو هم الكفار والمشركون . لأجل صرفهم إلى الإسلام أو إلى حكمه وسيطرته . وأما في وظيفة الهداية التي نتكلم عنها فمتعلقها المسلمون الفساق وأمثالهم . فهم إذ يتركون الطاعة نأمرهم بفعلها وإذا يفعلون المعاصي ننهاهم عنها عملا بالوظيفة الشرعية . وهذا تفريق لطيف بين الوظيفتين وكان بعض أساتذتنا من الملتزمين به فقهيا . إلَّا أنني لم أجد عليه دليلا لا من كتاب ولا من سنّة . وإنما هو تفريق اقتراحي مبتن على الذوق لا أكثر . ومن هنا لا يكون حجة . وهذا التفريق هو الذي أشرنا قبل قليل ، من أن جهاد البغاة لا يكون جهادا اصطلاحيا ، لأنه ضد بعض المسلمين دون الكفار . المستوي الرابع : قال الفقهاء : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروط بشروط معينة . وهذا صحيح . وقد نشير إلى ذلك فيما بعد . في حين أن الجهاد غير مشروط بتلك الشروط . وهذا بحسب الظاهر صحيح . إلَّا إذا استطعنا أن نؤول الشروط بحيث نفهم منها معنى مشتركا . إذ لا شك ، أن للجهاد شروطه أيضا ، وهي بمعنى آخر تشبه شروط وظيفة الهداية . فمثلا من الشروط : أولا : أن يعلم أن هذا الفعل منكر . يقابله في الجهاد أن نعلم أن
406
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 406