نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 367
ولم يقصر المؤلف في التعبير ، فإنه لا يريد مجرد العود إلى الحياة الاعتيادية ، إلى دنيا الشهوات والغفلات . وإنما قال : وقلبه أشد ثباتا وإيمانه أقوى فاعلية . فإن لكل عبادة أثرها على حياة الفرد أما سمعت قوله تعالى : * ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) * [ العنكبوت : 45 ] . يعني تجعل الفرد مهذبا خلوقا مطيعا للَّه عزّ وجلّ خلال سلوكه في الحياة . فمن بقي بعد صلاته مهذبا غليظ القلب وقحا ظالما فليعلم عدم وصول صلاته إلى درجة القبول . وإن كانت مجزية على القواعد ، بمعنى أنه لا يعاقب عقاب تارك الصلاة . فكذلك الاعتكاف له أثره الجم في حياة الإنسان ، سواء في تطهير القلب أو قوة الصبر أو غفران الذنوب ، أو تلقي بعض العطاء المعنوي النفسي أو العقلي . أو غير ذلك ممّا يشاء اللَّه سبحانه هبته لعبده المعتكف . إلَّا أن مثل هذه الدرجات لا تنال إلَّا بالإخلاص وحسن النية الموجودين منذ بدء الاعتكاف حتى نهايته . الجهة السادسة : بالرغم من أن كون الاعتكاف رهبانية موقوتة ، فكرة جيدة ، مع فهمها بشكل لا تنالها يد الإشكال . إلَّا أنه مع ذلك يمكن أن تعطى أفكار أخرى لتفسير فلسفة الاعتكاف غير ذلك . الفكرة الأولى : أن اللَّه عزّ وجلّ شرع الصلاة وشرع الصوم . وأكدت الشريعة أن الصلاة في المسجد أفضل منها في أي مكان آخر . ولكنها أعرضت عن ذلك في الصوم . إلَّا في الاعتكاف ، فقد جاء الاعتكاف ليكون الصوم مكافئا للصلاة في كونه مؤدى في المسجد ويزداد لذلك فضله ومنزلة الصائم . كل ما في الأمر أن هذا لم يعط كقاعدة عامة ، يعني أن كل صوم في المسجد فهو أفضل . لأنه يحدث عند تطبيقه ضيقا عند الناس وتعطيلا للأعمال . لأن الصلاة في المسجد ذات زمن صغير نسبيا ، بينما الصوم في المسجد لا يكون متحققا إلَّا بقضاء النهار كله أو أغلبه هناك . فاقتصر الشارع المقدس على ثلاثة أيام فقط ، ليكون الصوم في المسجد .
367
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 367