نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 366
التوجّه وانفتاح الرغبة في التكامل . المناقشة الرابعة : أن ما تصوّره المؤلف من كون الاعتكاف رهبانية مستفاد من بعض الأحكام كحرمة خروجه من المسجد بمعنى بطلان الاعتكاف به . كما أن الأغلب أن وجود الفرد في المسجد ينافي اتصاله بالناس كما ينافي عادة القيام بأعمال اقتصادية . إلَّا أن هذه المنافاة ليست دائمة . لوضوح أن الفرد يستطيع أن يستقبل الناس ويتكلم معهم مهما كثر عددهم . كما يستطيع أن يباشر المعاملات الاقتصادية . وقد يخطر في الذهن أن البيع والشراء في المسجد مكروه وخلاف الأدب الشرعي كما ثبت في الفقه . وهذا صحيح . إلَّا أننا نجيب : أولا : أن هذا الحكم على الكراهة وليس على التحريم . فيمكن للفرد ، وخاصة مع الحاجة أن يبيع ويشتري بالرغم من كونه في المسجد . وخاصة في مدة محدودة لا تتجاوز الثلاثة أيام . ثانيا : وهو أوضح وأهم ، أنه يمكن للفرد أن يصنع بيده أمورا قابلة للتصريف في السوق ، وهي أشياء كثيرة لا حاجة الآن إلى تعدادها . ثم يعطيها لغيره ليبيعها . وهذا عمل اقتصادي خلال الاعتكاف على أي حال . نعم ، مع حسن التوجّه خلال الاعتكاف ، والاشتغال بالذكر والعبادة ، واتخاذ الأدب الإسلامي مسلكا ، لا يبعد القول ، بأن ابتعاد الفرد عن الناس وعن المعاملات ونحوها إلَّا للضرورة . هو المسلك الصحيح الذي يعطي للاعتكاف درجة القبول والثواب المتزائد عند اللَّه عزّ وجلّ . وهذا يعني اقتراب معنى الاعتكاف الجيد من معنى الرهبانية الموقوتة . قال ( ليكون وسيلة موقوتة وعبادة محدودة تؤدى بين حين وآخر ، لتحقيق نقلة إلى رحاب اللَّه يعمّق فيها الإنسان صلته بربّه ، ويتزوّد بما تتيح له العبادة من زاد ) . ثم قال مباشرة : ( ليرجع إلى حياته الاعتيادية وعمله اليومي وقلبه أشد ثباتا وإيمانه أقوى فاعلية ) .
366
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 366