نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 365
تشريع من تشريعاته حاجة من حاجات الفرد والمجتمع الدنيوية أو الأخروية . فإنه يكون قد سدّ بهذا التشريع أيضا حاجة للفرد نفسية أو قلّ : روحية . وهي الحاجة إلى الرهبانية . إذن فالفرد يحتاج الرهبانية أحيانا أو في كثير من الأحيان ، على اختلاف طبائع الناس وتوجّهاتهم . فإن قيل : إنه لم يثبت أكثر من حاجته إلى ثلاثة أيام لا أكثر ، نقول : إنه في الإمكان تكرار هذه الثلاثة كثيرا . وسيأتي بعد قليل استحباب جعل الاعتكاف شهرا أو شهرين . ويمكن للشهرين أن يتكررا عدة مرات في العام . المناقشة الثانية : أنه لو كانت فكرة الرهبانية خاطئة ، لكان قليلها وكثيرها خاطئا ، فمثلا شرب الخمر لما كان محرما ، كان شرب القليل والكثير محرما . وكذلك الكذب المحرم قليلا أو كثيرا . وغيره . فلما ذا شرّعها اللَّه خلال ثلاثة أيام . فمن هذا التشريع نفهم أنها فكرة ليست خاطئة . وأما كونها سلبية فليست عيبا ، لأنه لا يريد بالسلب إلَّا سلب الاختلاط بالناس . وهذا أمر صحيح إجمالا في الرهبانية . كل ما في الأمر أن الفرد يتجنب الناس أو يقلَّل الاختلاط من أجل تنفيذ غرض إلهي جليل . المناقشة الثالثة : أن الاعتكاف ليس رهبانية موقوتة ، بل رهبانية متكررة ، فقد ورد - كما أشرنا - استحباب امتدادها إلى شهر أو شهرين . وهنا يحسن أن نذكر بعض النصوص : ففي صحيحة أبي بصير [1] وهي العمدة في هذا الاستدلال - : عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها فأجرى اللَّه على يديه قضاها ، كتب اللَّه عزّ وجلّ له حجة وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهما . ومثلها روايات أخرى . وقلنا إنه يمكن للشهرين أن يتكررا كثيرا أو قليلا في العام ، مع حسن