نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 364
الإلهية ، لكن لا بشكل يصل خبره إليهم . فمن هنا كان إيجادهم للرهبة ابتداعا على غير مثال . وأما * ( لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) * فهم موجودون قبل هؤلاء . بالرغم من أنهم لم يسمعوا بأخبارهم . وهناك بعض الوجوه الأخرى لا حاجة إلى سردها . فهذا تمام الكلام عن آية الرهبانية . ونعود إلى الحديث عن الاعتكاف الذي عقدنا له هذا الفصل ، ضمن نفس التسلسل من جهات الكلام . الجهة الخامسة : أنه تحصل ممّا سبق أن الرهبانية بمعناها العام ، هي الرهبة الإلهية ، وهي مقام إلهي جيّد ممدوح في القرآن الكريم . بل إن الرهبان ممدوحون في آية أخرى * ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) * وظاهرها أن كونهم رهبانا يعني متخذين لمسلك الرهبانية ، دخيل في أيمانهم وخشوعهم للَّه عزّ وجلّ مضافا إلى أنهم لا يستكبرون . إذن ، فما قاله بعض أساتذتنا في العبارة التي نقلناها في أول هذا الفصل لا يمكن الموافقة على صحتها . ونصها : ( ويبدو أن الشريعة الإسلامية بعد أن ألغت فكرة الترهّب والاعتزال عن الحياة الدنيا واعتبرتها فكرة سلبية خاطئة . ) . فقد اتضح أن الشريعة لم تعتبرها فكرة سلبية خاطئة ، فقد عرفنا صحتها وصحة عدد من الأحكام الموازية لها والمشابهة لها بالمضمون كالزهد وغيره ممّا سبق . لكن عرفنا أنها ليست صحيحة دائما بل أحيانا . فقد يكون الواجب الإسلامي يدعو الفرد إلى الاختلاط بالناس ، كما سبق تفصيله . وقد اعتبر المؤلف ( الاعتكاف ) : ( رهبانية ) موقوتة أو موقتة . تمتد ثلاثة أيام فقط ، ثم يرجع الفرد إلى عمله الدنيوي . وهي فكرة جيدة لكنها تواجه بعض المناقشات : المناقشة الأولى : من وجهة نظره ، التي تقول : إن الإسلام سدّ بكل
364
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 364