responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر    جلد : 2  صفحه : 363


على أن هناك فكرة قد تخطر على البال لأجل الاستدلال على وجود الرهبان قبل الإسلام بكثير .
وذلك : لأننا عرفنا أن الرهبان جمع راهب ، والراهب هو الذي يتخذ الرهبانية له مسلكا . والرهبانية مساوقة مع الرهبة المودعة في القلب والنفس ، وهذه الرهبة عطاء إلهي للعبد حين يكون بدرجة معينة عليا من الكمال . ولا شكّ أن عددا من الناس غير قليل بلغ إلى هذه الدرجة قبل الإسلام . ولا أقل من الأنبياء فإن درجة الرهبة موجودة لديهم ، كإبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهما . فكيف نقول : إن الرهبة وجدت بعد المسيحية .
وخاصة إذا لاحظنا قوله تعالى * ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) * [ الأعراف : 154 ] . وهي دالة على وجود الرهبة في بعض القلوب من زمن موسى عليه السلام .
وجواب ذلك ، أعني ما يرفع التنافي بين الآيتين الكريمتين من وجوه :
الوجه الأول : أن يقال : إن * ( لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) * هم الأنبياء خاصة ، وليس يتعداهم إلى غيرهم . والأنبياء في تلك العصور كانوا كثيرين . على حين أن الآية الأخرى * ( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) * تشير إلى وجود الرهبة لأول مرة في قلوب غير الأنبياء .
الوجه الثاني : أن هذه الآية الأخيرة * ( لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) * غير واضحة بوجود هؤلاء عند نزول التوراة فلعلهم يوجدون بعد ذلك ، فتصل إليهم نسخ التوراة في المستقبل فتكون لهم * ( هُدىً وَرَحْمَةً ) * . وهذا ما تعرّفنا به الآية الأخرى * ( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) * لأننا عرفنا أنهم وجدوا في عصر متأخر .
الوجه الثالث : أن نفهم من قوله * ( ابْتَدَعُوها ) * يعني أوجدوها على غير مثال سابق . بمعنى أنهم لم يسمعوها من أحد قبلهم . وهذا لا يعني أن بعض الناس قبلهم قد اتخذ نفس المسلك أو أنه شعر في قلبه بالرهبة

363

نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر    جلد : 2  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست