نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 362
ذلك . بل قد يقال : بأن الآية الثالثة واضحة في أنها تتحدث عن أناس سابقين على الإسلام ، بل لعلهم سابقون بأزمنة بعيدة . وخاصة بعد أن نسمع الآية التي قبلها ، والتي تدعم هذا المعنى . وهي قوله تعالى : * ( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ ا للهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ ا للهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ ا للهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ ا للهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) * [ التوبة : 30 ، 31 ] . الآية . فإن الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا هم هؤلاء اليهود والنصارى المذكورون في الآية قبل قليل . ومنهم اليهود الذين قالوا : عزير ابن اللَّه . قاتلهم اللَّه . وهم قوم ليسوا فقط سابقين على الإسلام بل سابقين على المسيحية . وهذا معنى ينافي ما استفدناه من تلك الآية الكريمة . والجواب : أن الآية الثانية ليست محل الشاهد في هذا المجال ، لأنها إما عامة لكل العصور أو خاصة بعصر النبوة : وليس فيها ما يدلّ على اختصاصها بما قبل الإسلام ليرد الإشكال . كما هو واضح لمن يفكر . والمهم هو الحديث عن الآية الثالثة ، كما أن المهم دلالتها على وجود الرهبان قبل المسيحية . وأما وجودهم بعدها ، فهذا ما لا إشكال فيه ، وقد دلَّت تلك الآية الكريمة عليه . فلا يوجد تناف بينهما من هذه الناحية . والانصاف أن هذه الآية الثالثة * ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ . ) * لا تدل على وجود الرهبان المسيحية ، حتى لو عاد الضمير في قوله : * ( اتَّخَذُوا ) * إلى اليهود . لأن رجال الدين اليهود كانوا يسمّون بالخاخام والحبر ولا يسمّى الواحد بالراهب . فموقفهم هذا من الرهبان يعني : حين وجود الرهبان بوجودهم بعد المسيح . والأرجح من ذلك أن قوله * ( اتَّخَذُوا ) * يعود إلى كل من اليهود والنصارى . ثم يأتي نوع من التفصيل بينهم . فقوله * ( أَحْبارَهُمْ ) * يعود إلى اليهود خاصة وقوله * ( رُهْبانَهُمْ ) * يعود إلى المسيحيين خاصة . ويكون الإشكال مرتفعا .
362
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 362