نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 355
من الصفات الجليلة للقلوب المؤمنة ، في الشريعة الإسلامية . الأمر الثاني : أنه من قطعيات التاريخ الإسلامي : أن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله كان ردحا من عمره الشريف قبل نزول الوحي عليه ، يفضل مسلك الاعتزال ويتعبّد للَّه عزّ وجلّ في غار حراء . وربما استمرّ على ذلك سنين عديدة لا نحصيها . ونحن نعلم أن لنا في رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله أسوة حسنة بنص القرآن الكريم . لا يختلف في ذلك حاله فيما قبل الإسلام أعني نزول الوحي أو حاله بعده . الأمر الثالث : أنه لا شكّ في استحباب الزهد في الشريعة الإسلامية في المأكل والملبس والمسكن ، وكفّ اللسان والفرج مهما أمكن . وهذا ممّا تواترت فيه الأخبار وأجمع عليه علماء الإسلام . الأمر الرابع : دلَّت الأدلة المتواترة أيضا على رجحان الإعراض عن الدنيا وإسقاط أهميتها من نظر الاعتبار . وأن الدنيا والآخرة ضرّتان لا يجتمعان . ونحو ذلك من المداليل التي تجتمع على معنى بغض الدنيا وحب الآخرة ، وفي الدعاء : اللهم أخرج حب الدنيا من قلبي . الأمر الخامس : ما دلّ على رجحان الاعتزال عند وجود الفتن والتجنّب عن الخوض فيها . فإنما هي شكل من أشكال الامتحان الإلهي للخلق . فكل من اندرج في الفتنة فقد رسب في الامتحان وهلك . وكل من انعزل عن الفتنة فقد نجح في الامتحان واهتدى . فقد ورد بمضمون : ( إذا حصلت الفتن فكونوا أحلاس بيوتكم ) أو ( لا ينجو من الفتن إلَّا من يصير بغنمه إلى الشعاب ورؤوس الجبال ) . الأمر السادس : ما دلّ على أن العباد الأفضل عند اللَّه عزّ وجلّ هم الذين إذا وجدوا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفقدوا . فكيف حصلوا على هذه الصفة إلَّا باعتزالهم للمجتمع وابتعادهم عن أهله ؟ الأمر السابع : أن مخالطة الناس في المجتمع موجب للاطلاع على
355
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 355