نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 351
إسم الكتاب : ما وراء الفقه ( عدد الصفحات : 420)
هذا الطريق ، ويواكبوا هذه العاطفة ، وهي الرهبانية ، ويؤكَّدوها بالشكل الذي يعلمون . ولعلّ هذا هو الأظهر من الآية الكريمة ، والذي فهمه أكثر المفسرين . وإن كان الأول لا يخلو من وجاهة . ومن الطرف أن السيّد الطباطبائي في تفسير الميزان [1] نفى دلالة الآية على التشريع ، بل قرّب دلالتها على عدمه لقوله * ( ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ ) * . قال : ما فرضناها عليهم لكنهم وضعوها من عند أنفسهم ابتغاء لرضوان اللَّه . وفيه إشارة إلى أنها كانت مرضية عنده تعالى وإن لم يشرعها بل كانوا هم المبتدعين لها . وهذا فهم غريب مبني على الانقطاع في الاستثناء وهو خلاف ظاهر الاستثناء عموما . بل الأصل فيه كونه متصلا . ومن الواضح أننا لو قلنا في الآية : ابتدعوها إلَّا ابتغاء رضوان اللَّه . لكانت إلَّا زائدة لا تفيد الاستثناء على الإطلاق بل تكون العبارة ركيكة ، وحاشا القرآن الكريم من الركَّة . وإنما يأتي مثل هذا الاستثناء عادة بعد النفي ، كما هو في الآية فعلا . * ( ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ ا للهِ ) * . فلما ذا أرجع هذه الجملة الأخيرة إلى ما هو سابق على الجملة المنفية ، وهو أيضا مثبت غير منفي لا يصلح لرجوع هذا الاستثناء إليه . أعني قوله تعالى * ( ابْتَدَعُوها ) * . فالظاهر رجوعها إلى الجملة المنفية ليكون المراد والمحصل هو الإثبات . كقوله : ما جئت إلَّا لأراك . يعني : جئت لأراك . مع إفادة زائدة وهي التأكيد أولا والحصر ثانيا . الأمر الثامن : تدل الآية الكريمة ، على أن هناك أمرين قد حصلا . أحدهما : إعطاء الرهبانية لقلوب هؤلاء . الثاني : تشريعها في حقّهم . والمفهوم عادة أو تقليديّا هو أن الأمر الأول سابق على الثاني . ولعل ذلك مفهوم من تأخّره في الذكر في لفظ الآية . إلَّا أن الإنصاف أننا لو تأملنا الآية الكريمة ، لم نجد أي غضاضة في