نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 288
الأعلى . وباللحاظ الأول ، يكون الحج كسائر التكاليف في اشتراطها . إذ لا معنى للتكليف مع عدم توفر الحد الأدنى من القدرة . لأنه يكون تكليفا بما لا يطاق . وأما باللحاظ الثاني ، فهو الذي ينبغي أن يكون مبحوثا في المقام لأجل تحديد مقداره وشرائطه كما يأتي . وكأن السيد الأستاذ لاحظ الجانب الأول ، وأهمل لحاظ الجانب الثاني . ثانيا : أن المراد بالاستطاعة في الآية ليست هي القدرة العقلية ، بل القدرة العرفية ، كما سيأتي . وذلك بعدة تقريبات نذكر أهمها : الأول : أننا لا يجب أن نفهم الأدلة بالفهم العقلي بل بالفهم العرفي . والفهم العقلي ، وإن كان دالا على ما ذكره ، إلا أن الفهم العرفي حاكم عليه لا محالة ومقيّد له باعتباره أخص منه في المورد . الثاني : أن سائر التكاليف لم يرد فيها القيد اللفظي بالقدرة أو الاستطاعة ونحوها ، فبقينا نحن وحكم العقل بلزوم حصول القدرة بأدنى مستوياتها . وأما حيث تؤخذ القدرة والاستطاعة في لسان الدليل ، فهذا يعني أن الأمر يختلف عن سائر الأدلة . إذ لو كان الحج في نظر الشارع كذلك لأمر به ابتداء بدون اشتراط الاستطاعة ، كما فعل في سائر التكاليف . وحيث فعل ذلك ، فقد أوكلنا إلى معنى جديد خارج ما نفهمه من غيره . الثالث : أنه يمكن أن يقال : إن القدرة تختلف عن الاستطاعة في المفهوم ، فبينما تدل القدرة على مجرد الشرائط العقلية للتمكن . تدل الاستطاعة على ما هو أكثر من ذلك . وخاصة إذا التفتنا إلى قوله تعالى * ( مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْه ِ سَبِيلًا ) * [ آل عمران : 97 ] . فقد أخذ حرف الجر ( إلى ) وأخذ المفعول به ( سبيلا ) قيودا لها . وهي قرائن على لزوم فهم المغايرة بينها وبين القدرة أو قل : على لزوم الفهم العرفي من الاستطاعة ، أو الاستطاعة العرفية . لأن السبيل هو
288
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 288