نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 289
الطريق ، والطريق بالمعنى العام يشمل أمور حياتية كثيرة كالمال وتخلية السرب . وحرف الجر المشار إليه يدل على لزوم توخّيها والحصول عليها . إذن ، فالقدرة العقلية وحدها غير ملحوظة في الآية ، وليست الآية إرشادا لحكم العقل ، بل تحتوي على مفهوم زائد تأتي الإشارة إلى تفاصيله . الجهة الثانية : في القدرة العرفية . وهي التي ينبغي فهمها من الآية الكريمة ، كما أسلفنا . كل ما في الأمر أنه قد يقال : إن القدرة العرفية أعم من الاستطاعة الشرعية الآتي ذكرها . فقد يكون الفرد مستطيعا عرفا ولا يكون مستطيعا شرعا . كما في وضع المال عند أهله والرجوع إلى الكفاية . وعلى أي حال ، فلو بقينا نحن والآية الكريمة ، لحملناها على المعنى العرفي ، وقلنا بوجوب الحج عند الاستطاعة العرفية . إلَّا أننا سنرى أن الأدلة الواردة تقيد ذلك بعدة أمور لا بدّ من ملاحظتها . فإن كانت تلك الأمور لا تزيد على الاستطاعة العرفية ، فهو المطلوب . وإن كانت زائدة وجب تقييد الآية الكريمة بها . الجهة الثالثة : في القدرة الشرعية المفهومية من أدلة نفي الضرر والحرج ونحوها . غير أن هذه القدرة أن اندرجت في القدرة العرفية فهو المطلوب . وإن لم تندرج فيها ، بتقريب : أن القدرة العرفية أخصّ من ذلك ، ولا يعتبر كل من لا يتضرّر أو لا يتحرج قادرا عرفا ، بل يحتاج إلى أسباب أخرى قد تكون خارجة عن الاختيار . إذن فهذه القدرة ، ليست عقلية كما هو واضح لأنها أخص منها ، ولا عرفية ، كما أسلفنا . فلا يبقى لها محصل مستقل . فإن قيل : إننا نفهم من نفي العسر والحرج والضرر ، نفي التكليف لمن لم يكن قادرا عرفا ، لشكل من أشكال العفو والرحمة الشرعية .
289
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 289