نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 275
وما أعظم الأخوة التي تشدّ بعضهم إلى بعض ، بالرغم من تباعد البلدان وتشتّت اللغات . إنها أخوة الهدف والعمل والعقيدة . وهي أقوى الأخوات وأرسخها في منطق الإنسانية والتاريخ . يقول محمد أسد [1] بصدد ذلك : ( إخوان لي عن اليمين ، وإخوان لي عن اليسار ، كلهم لا أعرفهم ، ولكن واحدا منهم ليس غريبا عني . فنحن في فرحة سباقنا المضطربة جسم واحد يسعى إلى هدف واحد . إن العالم إمامنا فسيح وفي قلوبنا تتألق شرارة من النار التي اشتعلت في قلوب صحابة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله . إنهم يعرفون ، إخواني عن يميني وإخواني عن يساري ، أنهم قد قصروا عما كان ينتظر منهم . وأن قلوبهم قد تضاءلت عبر القرون ، ومع ذلك فإن وعد اللَّه حق لم ينتزع منهم . منا ) . وما أثمن هذه الأرض المقدسة التي شهدت جهود النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وأصحابه وابتهالاتهم الصادقة المخلصة ، وشهدت ابتهالات القرون المتوالية وجهودها المتواصلة . ولو كان الموقف واحدا ، لأعطى هذا الرمز المقدس الكبير . ولكن المسلمين في هذا العام وكل عام ، لا يقتصرون على التجمهر في عرفات . بل يدفعهم النداء الإلهي المقدس إلى الإسراع خلال الليل البهيم ليلبّوا الواجب المقدس في أرض المشعر الحرام . لكي يعطوا تأكيدا جديدا للإحساس الإسلامي العميق ولكي يجدّدوا بابتهالاتهم المتصاعدة الأمل الكبير في غفران الذنوب وستر العيوب وحل المشكلات . يمكن أن نضيف إلى ذلك : الفرق الذي يمكن أن نعرفه بين الموقفين . ويتلخص في أمرين : الأمر الأول : أن أرض المزدلفة توصف بالمشعر الحرام بخلاف أرض عرفات ومنى . فإنها ليست حراما . بالرغم ممّا عرفنا من اندراج كل هذه المناطق في الحرم المكي نفسه .