نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 267
لقد سبق لي أن رأيت في بلدان إسلامية مختلفة مساجد أبدعت في بنائها أيدي الفنانين من المهندسين المعماريين العظام وثم يعدد محمد أسد قسما كبيرا منها ثم يقول : - كل هذه سبق أن رأيتها ، ولكن شعوري لم يكن قط قويّا كما كان الآن أمام الكعبة . بأن يد الباني كانت على مثل ذلك القرب في مفهومه الديني . ففي بساطة المكعب المطلقة في الأفكار التامة لكل جمال للخط والشكل نطقت هذه الفكرة تقول : أيما جمال قد يستطيع الإنسان أن يخلقه بيديه يكون من الغرور اعتباره جديرا باللَّه . وإذن فكلما كان ما يستطيع الإنسان أن يتصوره بسيطا كان ما يستطيع فعله لتمجيد الخالق أعظم ما يكون . هذا ، ويحتوي الطواف على عدة نقاط تقع ضمنه أهمها : استلام الحجر الأسود ، والصلاة ، التزام المستجار . ونوجز ما يمكن أن يخطر على البال من المصلحة في هذه الأمور خلال النقاط التالية : النقطة الأولى : في استلام الحجر الأسود . ويحتوي على عدة معان : المعنى الأول : أنه ما دامت الكعبة المشرفة رمزا ماديا للتوحيد المعنوي ، فأحر باستلام الحجر أن يكون هو الرمز المادي للاتصال المعنوي بفكرة التوحيد وملامستها في عالم الفكر والمعنى . المعنى الثاني : أن الحجر كما ورد - يمين اللَّه في الأرض . فيكون استلامه مصافحة لرمز التوحيد ، وللَّه عزّ وجلّ أيضا في عالم المعنى بما تحتوي المصافحة من بذل للولاء والحب والإخلاص بين الطرفين . المعنى الثالث : أن الحجر بصفته يمين اللَّه في الأرض [1] . يكون استلامه مبايعة للَّه تعالى . فلئن كانت البيعة للخلفاء والعظماء مشروعة اجتماعيا وإسلاميا ، مرة واحدة ، للدلالة على الاقتداء بالقائد وبيع الولاء له والطاعة المطلقة . فهذا