نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 266
المسلمين ، وكان قصد الكعبة المشرفة . من البلد البعيد والقريب قصدا ماديا ومعنويا للتوحيد ، والدين اللَّه العظيم . ويكون إظهار الإخلاص لها إظهارا للإخلاص للتوحيد ، للَّه الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد . ويكون التقرّب إليها بالذبح والنحر تقربا إلى التوحيد الإلهي في عالم المعنى والكمال الروحي والعقلي . ويكون الدوران حول الكعبة بالطواف ، وجعلها مركز الإحساس المادي رمزا حيا من الدوران حول التوحيد ، وحول الحق الصريح ، وجعله مركز الإحساس المعنوي ومركز النشاط الإنساني النفسي والاجتماعي . والإنسان إذا ( دار ) مدار التوحيد الخالص ، وشريعة اللَّه عزّ وجلّ وطاعته في سلوكه وإحساسه ، فإنه يكون حتما ، الفرد الكامل العظيم الذي ينتهج المنهج الإلهي الكامل في تربية النفوس وكمال العقول . يقول محمد أسد [1] المستشرق النمسوي المسلم معربا عمّا يشبه هذا المعنى : إن جزءا من فريضة الحج أن تطوف بالكعبة سبع مرات لا احتراما لقدس الإسلام المركزي فحسب ، بل لتذكير النفس بالمطلب الأساسي للحياة الإسلامية . إن الكعبة هي رمز وحدانية اللَّه وحركة الحاج الجسمانية من حولها هي التعبير الرمزي للنشاط الإنساني ومضمونه . إن أفكارنا ومشاعرنا وكل ما يشمله تعبير ( الحياة الباطنة ) ليست وحدها التي يجب أن يكون محورها اللَّه ، بل كذلك حياتنا الخارجية الناشطة ومساعينا العملية . ويقول [2] عن بناء الكعبة المشرفة : لقد عرف من بنى الكعبة أنه ما من جمال في تناسق البناء وما من كمال في خطوطه مهما كان عظيما يمكن أن يوفي الفكرة الإلهية حقّها . وهكذا قصر نفسه على أبسط شكل مثلث الأبعاد يمكن أن يتصوره العقل ، مكعبا من حجر .
[1] في الطريق إلى مكة : ص 398 . [2] المصدر : ص 397 .
266
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 266