نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 253
يدركوا تفاصيل الحكم والمصالح المتوخاة من وراء أعماله التكوينية والتشريعية جلّ جلاله . بحيث لا يكون لهم قابلية السؤال . بمعنى أنهم لو سألوا لما كان لهم قابلية أخذ الجواب أو فهمه أو استيعابه على وجه الصحيح الكامل لقصورهم . وليس معنى ذلك عدم وجود المصلحة في الأفعال الإلهية ، لا التكوينية منها ولا التشريعية . وتمام الكلام في علم الكلام . إذن ، فمقتضى الاعتراف بالعجز والقصور ، كما هو أيضا مقتضى التأدّب والخشوع أمام ساحة البارئ العظيم ، هو السكوت عن السؤال وانقطاع الاستفهام عن مصلحة أي شيء عن التشريع والتكوين ، ما لم يرد اللَّه سبحانه تفهيم عبده ذلك أحيانا * ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِه ِ إِلَّا بِما شاءَ ) * [ البقرة : 255 ] . وما هذه الاستفهامات إلَّا نتيجة للشك المتزائد الناشئ من النفس الأمّارة بالسوء ، والذي أخذ الاستعمار المقيت ينفخ في ناره ، من أجل الإجهاز على الدين والتشكيك في شريعة سيّد المرسلين ، بل التشكيك في أصل الخلقة . إنا باللَّه عائذون . وللَّه في خلقه شؤون . ولكن مع ذلك ، قد يحسن لأجل تلطيف الجو أمام إيمان بعض المؤمنين أن يحاول الفرد ذلك غير يائس . لأن المصالح على واقع تفاصيلها وإن لم تكن معروفة ومكشوفة ، إلَّا أن جزءا منها يكون قابلا للإدراك . مع الاعتراف بأن المصالح الإلهية قد تختلف اختلافا أساسيا عمّا يدركه عقلنا وتناله أذواقنا وتقاليدنا . ولكن إذا كان هذا الذي ندركه من المصالح ، في حاصل قصورنا وتقصيرنا ، هو أمر عظيم وفهم جليل نحمد به المشرع الكامل كما هو أهله ، فكيف بالمصالح الواقعية الإلهية التي هي أحسن ممّا نتصور وألطف ممّا نتذوق . وقد قيل قديما : إن اللَّه سبحانه أرحم بالفرد من أمه وأبيه . وهو - كما نعلم - أرحم الراحمين . إذن ، فبعد أن نثبت للأحكام المصالح ، ونحاول بمقدار ما يسع الفهم والجهد استنباطها ، وإن كان مخالفا للأدب أمام ساحة قدس القدوس
253
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 253