نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 208
الآية الكريمة : أن القواعد أيضا من صنع إبراهيم . وهو لا يخلو من مخالفة الظاهر . إلَّا أن اشتغاله ببناء الكعبة المشرفة من الضروريات . فإما أن يكون هو أول من أظهرها بعد الطوفان أو هو الأول على الإطلاق . قال في تفسير الميزان [1] : ما زالت الكعبة على بناء إبراهيم حتى جدّدها العمالقة ثم بنو جرهم . أو بالعكس كما مرّ في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السّلام . ثم لما آل أمر الكعبة إلى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ( القرن الثاني قبل الهجرة ) هدمها وبناها فأحكم بناءها . وسقفها بخشب الروم وجذوع النخل . وبنى إلى جانبها دار الندوة . وكان في هذه الدار حكومته وشوراه مع أصحابه . ثم قسّم جهات الكعبة ، بين طوائف قريش فبنوا دورهم على المطاف حول الكعبة ، وفتحوا عليه أبوابهم . وقبل البعثة بخمس سنين هدم السيل الكعبة ، فاقتسمت الطوائف العمل لبنائها . وكان الذي يبنيها يا قوم الرومي ويساعده نجار مصري . ولما انتهوا إلى وضع الحجر الأسود تنازعوا بينهم في أن أيها يختص بشرف وضعه ، فرأوا أن يحكموا محمدا صلَّى اللَّه عليه وآله وسنّه إذ ذاك خمس وثلاثون سنة . لما عرفوا من وفور عقله وسداد رأيه ، فطلب رداء ووضع عليه الحجر ، وأمر القبائل فأمسكوا بأطرافه ورفعوه حتى إذا وصل إلى مكانه من البناء في الركن الشرقي أخذه هو فوضعه بيده في موضعه . وكانت النفقة قد بهظتهم فقصروا بناءها على ما هي عليها الآن . وقد بقي بعض ساحته خارج البناء من طرف الحجر حجر إسماعيل لاستصغارهم البناء . أقول : من المستبعد أنها كانت أعلى ممّا عليه هي الآن . ولكنها كانت أعرض بمقدار الدكَّة المسمّاة بالشاذروان . ثم قال : وكان البناء على هذا الحال حتى تسلَّط عبد اللَّه بن الزبير