نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 283
رمي الجمرات إذا كانت الكعبة المشرفة هي الرمز المادي لتوحيد اللَّه تعالى ، وكان الطواف واستلام الحجر ، هو العمل الأساسي الذي يمثل الإخلاص له ، وجعل توحيده المركز الحقيقي للإحساس والسلوك في كل أيام الحياة . فما أحرى أن يكون هناك رمز آخر يضاد هذا الرمز ويناقضه . ولئن كانت الكعبة مستقطبة لكل معاني الخير والعدل ، باعتبارهما المنتوجين الأساسيين لعقيدة التوحيد . فإن الرمز الآخر لا بدّ أن يستقطب كل معاني الشر والظلم ، باعتبارهما المفتوحين الأساسيين لما ترمز إليه الجمرة ، وهي فكرة الشيطان . ولئن كان الطواف تعبيرا عن الولاء للخير والعدل ، وإظهارا عمليا لتأييدهما . فإن رمي الجمرة بالحصى هو العمل المهم في إظهار الشجب والاستنكار العملي للشر والظلم . وبشجبهما يفهم الفرد بوضوح شجب كل فكرة ناتجة عنهما أو علم مترتب عليهما من الكفر والضلال والعصيان والفسق والانحراف ، وما تستتبعه هذه الأمور من ذنوب وموبقات . على أننا لا يجب أن نغفل بهذا الصدد ، فرقا أساسيا ، بين هذين الرمزين المستقطبين ، فالكعبة بما أنها رمز عن اللَّه سبحانه وعن توحيده ، إذن فيجب أن يبقى الرمز واحدا لا يتعدّد . على حين أن الجمرة ، بما هي رمز عن الشيطان ، والشياطين كثيرون بنص القرآن الكريم ، فقد ناسب أن يتعدّد الرمز بتعدّد المرموز إليه . فمن هنا نستطيع أن نعزو تعدّد الجمرات إلى الرمز عن تعدّد الشياطين . كما يمكن أن تعزى إلى تعدّد وجهات الفساد والظلم الصادرة عن الشيطان ونستطيع أن نلاحظ في هذا الصدد : أن القسط الواجب من إظهار الولاء للَّه عزّ وجلّ بالطواف يعادل في العدد تقريبا ما تناله كل جمرة من دفعات الاستنكار والرمي . فالطواف الواجب ثلاثة : طواف العمرة وطواف الحج وطواف النساء .
283
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 283