تخلَّف هذا الداعي ، كما لو فرض عدم تسكين دائه بشرب الدواء ، بطلان البيع ، وذلك لأنّ المفروض أنّه أنشأ المعاملة مطلقة ، والشارع في دليل صحّة المعاملة قد أمضى نفس إنشائه من دون مدخليّة لغرضه في إمضاء الشارع . وهذا بخلاف الحال في الوقف فإنّ إمضاء الشرع قد تعلَّق بفعل المنشئ مع كونه معلَّلا بمثل غرضه ، فإنّ الشارع إنّما يمضي الوقف لكونه من سبل الخيرات والصدقة الجارية التي ينتفع به الواقف حيّا وميّتا ، فإذا انسلخ عنه هذا العنوان انفكّ إنشاء المنشئ عن الإمضاء وليس هذا تقييدا في الإمضاء وإنّما هو التعليل وقد بيّن الفرق بينهما في محلَّه . والفرق بين التعليل في إنشاء الشرع والتعليل في إنشاء غيره أنّ غيره ربّما يتوهّم جهلا مركَّبا فاقدا لعلَّة واجدا لها فينشأ فيه المعلول من البيع مثلا مبنيّا على هذا الاعتقاد الخطائي ، ولكنّ الشارع حيث إنّه عالم بالغيب يختصّ إنشاؤه بموارد وجود العلَّة لا غير ، فلو فرض أنّ العلَّة التي صارت في البيع علَّة لإنشاء البائع كانت علَّة لإمضاء الشارع بأن كان الشارع متابعا لأغراض المعاملين ، لكان اللازم هو الحكم بالبطلان عند تخلَّف الداعي فيها أيضا ، ولكنّ ثبت فيها أنّ الشارع إنّما يلاحظ إنشاءهم دون أغراضهم ، والمفروض أنّ الإنشاء مطلق ، غاية الأمر مبنيّا على الاعتقاد الخطائي . وبالجملة : لا إشكال في إمكان هذا الوجه وتماميّته ثبوتا ، إنّما الكلام في مرحلة الإثبات وأنّ إمضاء الشرع معلَّل بغرض الواقف على وجه يستكشف من عدمه عدم الإمضاء لا على سبيل الحكمة ، ولم يستبعد شيخنا الأستاذ - دام أيّام بقاه - استظهاره بملاحظة تسميته في الأخبار بالصدقة الجارية وأنّ الشارع إنّما يراعي نفع عباده فتأمّل وأمّا قوله - عليه السلام - : الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها