فالمقصود إمضاء الكيفية المرسومة بعد الفراغ عن خيرية أصل موضوع الوقف ، ثمّ بعد زوال لون الوقفيّة فبقاء ملكيّة الموقوف عليه وجواز التصرّفات الناقلة يكون الكلام فيهما ما تقدّم حرفا بحرف . وإن قلنا : بالمبنى الأخير من عدم أخذ المنفعة لا في الموضوع ولا في المحمول وعدم أخذ المنع عن المعاملة في مفهوم الوقف وإنشائه ، فالمانع عن البيع حينئذ منحصر في الأدلَّة المانعة مثل لا يجوز شراء الوقف ، ويمكن دعوى انصرافها عن هذه الصورة فيكون جواز البيع فيها على طبق القاعدة ، هذا بحسب مقام الثبوت والتصوّر . وأمّا مقام الإثبات فقال شيخنا الأستاذ - أطال الله أيّام إفاداته الشريفة - : الظاهر مأخوذيّة قيد الانتفاع والحبس بمعنى المنع عن التصرّفات الناقلة كليهما في حقيقة الوقف ، أمّا الثاني فقد اتّضح ممّا تقدّم ، وأمّا الأوّل فلأنّ الظاهر أنّ الوقف عبارة عن فعلين تحليليين يوجدان بإنشاء واحد ، أحدهما ملحوظ مقدّمة وتوطئة للآخر ، أحدهما : حبس العين ، والثاني : إطلاق المنفعة ، فالأوّل ، أعني : الحبس ، إنّما هو ملحوظ تبعا ومقدمة لأن تصل المنفعة إلى جميع البطون ، فالجزء الأعظم فيه هو تسبيل المنفعة لا أن يكون حاله كالبيع فتكون ملكيّة المنافع تبعا لملكيّة العين . ومن هنا لو كانت العين مسلوبة المنفعة إلى مدّة لكونها مستأجرة يشكل صحّة وقفه إلَّا مشروطا ، وهذان الجزءان مندمجان وموجودان بإنشاء واحد ، ولازم ذلك أن يكون الموضوع هو العين المقيّدة بكونها ذات منفعة ، إذ هو القابل لهذا المحمول الإنشائي البسيط المنحل إلى جزئين ، فتصير العين التي في ضمن هذا المقيّد متّصفة بالحبس ، والمنفعة متّصفة بالإطلاق .