ثمّ بعد زوال لون الوقفيّة هنا بحسب مقام الثبوت احتمالات ، الأوّل : أن يرجع الملك إلى الواقف ، الثاني : أن يصير من المباحات الأصليّة ، والثالث : أن يبقى ملكا للموقوف عليهم . والأوّل خلاف الأصل إذ بعد ما انقطعت علاقة المالك بالمرّة عن العين في حال وجود العنوان وصيرورته كأحد من الناس بالنسبة إليها ، فالعود إليه بعد فقد العنوان يحتاج إلى دليل جديد ، فإنّ دليل ثبوت الملك السابق له ليس عامّا استغراقيّا بالنسبة إلى أجزاء الزمان وإنّما مقتضاه إثبات أصل الملك ودوامه بمقتضى طبعه إلى أن يزيله مزيل . وكذلك الاحتمال الثاني لأنّه خلاف استصحاب ملكيّة الموقوف عليه ، لا يقال : كما أنّ الوقفيّة في لحاظ المنشئ مقيّد بحال وجود المنفعة كذلك التمليك الذي في ضمنه ، فكما زال الأوّل بزوال الموضوع لا بدّ من زوال الثاني أيضا . لأنّا نقول : لا نسلَّم كون الملكيّة بإنشاء المنشئ وأنّ إنشاء الوقف متضمّن لإنشاء التمليك ، بل نقول : إنّ العرف ينتزعون من إنشاء الوقف الملكيّة في الموقوف ، وحينئذ فمن المحتمل أن يكون إنشاء الوقف في موضوع ذي المنفعة بنحو التقييد علَّة محدثة لانتزاع الملكيّة في موضوع الذات ولا يكون باقيا ببقائها ، وهذا بخلاف أصل الوقف حيث إنّ المفروض معلوميّة حال الجاعل في موطن الثبوت وأنّه قيّده بحال وجود المنفعة ، والشارع أيضا لم يتعبّدنا بما وراء ما جعله الواقف ، بل : « الوقوف [ عنده ] تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله » [1] .
[1] - الوسائل : ج 13 ، الباب 2 ، في أحكام الوقوف والصدقات ، ص 295 ، ح 1 و 2 ، والباب 7 ، في أحكام الوقوف والصدقات ، ص 308 ، ح 2 .