الوجود الأوّل ، فإذا ارتفع حدّ ذلك الوجود الذي هو أمر وجودي فالمحدوديّة بحدّ هذا الوجود الذي هو أمر عدميّ حاصل قهرا من دون حاجة إلى تأثير جديد ، ولهذا نشاهد أنّ الإنسان إذا مات يبقى جسمه جامدا وهذا من الواضحات . وحينئذ نقول : الوقف عند التحليل العقلي له جزءان ، أحدهما التمليك أو إيجاد العلاقة الاختصاصيّة بين المال والموقوف عليه ، والثاني كونه محبوسا وممنوعا عن التصرّفات الناقلة فيه وهاتان الحيثيّتان موجودتان فيه على نحو الاندماج ، فإذا حصل الرافع للحيثيّة الأخيرة ، أعني : الحبس ، لا يلزم بطلان أصل الاختصاص . نعم اللازم لا محالة بطلان حقيقة الوقف وانعدام صورته كما كان الإنسان مرتفعا بزوال النطق ، ولكن كما قلنا لا يلزم من بطلانه وارتفاعه ارتفاع الحيثيّة الأولى منفصلا بالفصل الناقص ، فكما صار وجود الإنسان هناك مثلا بعد زوال النطق وجود الحيوان بلا شعور قهرا من غير تأثير جديد ، كذلك يصير وجود الوقف هنا بعد زوال فصله الوجودي الذي هو الحبس وجود الاختصاص بلا حبس قهرا من غير حاجة إلى مؤثّر جديد . إذا عرفت ما ذكرنا فيقع الكلام تارة في الوقف المؤبّد وأخرى في المنقطع ، أمّا الأوّل قال شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - إنّه على قسمين قسم يكون ملكا للموقوف عليهم فيملكون منفعته فلهم استئجاره ، ولو غصبه غاصب وانتفع به فلهم أخذ أجرة ما انتفع من منافعه ، وهذا غالبا في الوقف على المخصوصين كالأولاد والطلاب ، ويمكن تصويره في الوقف العام أيضا كما لو وقف أرضا مثلا لمطلق انتفاع الفقراء فيجوز حينئذ للناظر العام الإجارة وصرف الأجرة في منافع