كلّ منهما ملحوظا على سبيل الاستقلال كمملوكيّتهما . وقد صرّح شيخنا العلَّامة - أعلى الله مقامه - بأنّ المعاملة المتكفّلة لانتقال العين والمنفعة لا يكون إلَّا الصلح ، فلا يمكن البيع فيما نحن فيه ويمكن نفي الصلح أيضا لعدم القول بالفصل ، إلَّا أن يقال : ليس هذا أولى من العكس فيقال بجواز البيع الجامع لنقل العين مع اشتراط المنفعة بضميمة جواز الصلح كذلك ، إلَّا أن يقال : العين الملحوظة معرّاة عن جميع المنافع لا ماليّة لها فلا يصحّ البيع من هذه الجهة . إلَّا أن يقال : إنّه يكفي في صحّة البيع ماليّة المبيع ولو بلحاظ الشرط الملحوظ فيه ولا يعتبر ماليّته بالاستقلال ، هذا وفيه مضافا إلى عدم تماميّته لما أشار إليه أخيرا أنّه يقع الكلام حينئذ في فعل الواقف ، فإنّه على هذا قد أنشأ أمرين في عرض واحد ، فإنشاء تمليك العين معرّاة عن المنافع وتمليك المنافع كذلك ، وهذا يرد عليه عين ما أشير إليه من أنّ العين المعرّاة لا مالية لها فكيف يصحّ فيها التمليك ، وأمّا قوله - عليه السلام - : « حبّس الأصل وسبّل الثمرة » فليس المقصود منه إلَّا حصول هذين الفعلين ، ولو كان بإنشاء واحد كان نتيجته ذلك ولا يدلّ على لزوم كون الإنشاء مشتملا على جزئين عرضيين . ثمّ إنّ الظاهر كون الدوام والمنع عن المعاوضة مأخوذا في مفهوم الوقف ومدلول صيغته ، فإنّه المتبادر من مادّة الوقف لغة وعرفا وهو الظاهر ممّا ورد في صورة وقف أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - فإنّ قوله - عليه السلام - : « صدقة لا تباع ولا توهب » [1] ظاهر في كون الوصف مأخوذا في نوع هذا القسم من الصدقة لا أنّ هذا
[1] الوسائل : ج 13 ، الباب 6 ، في أحكام الوقوف والصدقات ، ص 304 ، ح 3 و 4 .