ذمّهم اللَّه تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم ، وقال فيما بعد الفقرة المذكورة : فأمّا من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئا ولا كرامة [1] الحديث . فإنّ المتبادر من تلك الفقرة بعد ملاحظة هذه الفقرات أنّ المراد بمخالفة الهوى عدم الوقوع في المحارم بواسطة الاشتهاء النفساني كما كان ديدن علماء اليهود على ما وصفهم ، فهو عبارة أخرى عن قوله : مطيعا لأمر مولاه وحافظا لدينه وصائنا لنفسه ، فالمراد أنّه إذا كان ميلة وهواه على شيء وكان أمر مولاه على خلاف ذلك الشيء ، فلا يعتني بهواه ويطيع أمر مولاه ، لا أنّه إذا اشتهى نفسه من المباحات من طعام لذيذ أو جمع مال من طريق حلال كان صادّا لنفسه وإلَّا فاللازم أن يكون أكل الجبن مع الخبز مثلا إذا كان عن شهوة لا بغرض شرعي قادحا في الإفتاء ويكون اللازم في جميع أعماله قصد أمر شرعي ولا يلتزم به أحد . فصل هل يعتبر في استصحاب عدم الأعلميّة المتقدّم الفحص أو لا كما هو الحال في الأصول الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، فإنّ المقام منها لأنّ معنى الشبهة الموضوعيّة أن يكون رفع الشك خارجا من وظيفة الشرع ، والشك في الأعلميّة من هذا القبيل فلا بدّ في هذا المقام من ملاحظة أنّ الأصل الأوّلي ماذا يقتضي من وجوب الفحص فيحتاج في عدمه إلى المخرج حتى يلحظ الدليل المخرج ، وأنّ موضوعه عنوان عام يشمل المقام أولا ، ومن عدم وجوبه حتى يكون الأمر بالعكس .
[1] - الاحتجاج : ج 2 ، باب احتجاجات الإمام العسكري - عليه السلام - ص 457 .