أن يقال إنّ لصفة اليقين على وجه الطريقية وإن كان مدخل في الموضوع لكن يكفي حصوله في المجتهد ، بيان ذلك : أنّ القيود المأخوذة في الدليل تارة تعتبر في صرف الحكم العملي فواجدها يفترق في العمل من فاقدها كما في الحاضريّة والمسافريّة والاستطاعة ونحو ذلك . وأخرى تعتبر في الحكم العملي والقولي معا فإذا صار المجتهد مستطيعا لا يجوز أن يفتي بوجوب الحجّ على جميع الناس مستطيعا وغيره ، وإذا صار ذا يقين وشك يجوز له الإفتاء بوجوب صلاة الجمعة مثلا على جميع الناس سواء من تيقّن وشك وغيره ، وجه الفرق أنّ في الأوّل وجوب حجّ كلّ شخص علَّق على استطاعة نفسه وهنا أيضا وإن كان حرمة نقض كلّ شخص علَّق على يقين نفسه وشكَّه ولكن معنى النقض ليس صرف العمل الجوارحي على نهج السابق بل يشمل التجزّم القلبي والإفتاء والشهادة أيضا ، فكما كان له في زمان اليقين التجزّم القلبي بأنّ وجوب الجمعة حكم ا لله المشترك بين تمام الناس فكان يأتي بالصلاة بهذا الوجه ، فحينئذ أيضا يجوز له ذلك وكما كان في الموضوعات يشهد جاز له الشهادة في حال الشكّ بعنوان أنّه واقع ، وكما كان له الإفتاء بأنّه حكم جميع الناس جاز له ذلك في هذا الحال ؛ لأنّ كلّ ذلك معنى إبقاء ما كان وعدم نقضه . فلا يقال : إنّ الجائز له إنّما هو الإفتاء للمتيقنين والشاكَّين ، فإنّه يقال : معنى عدم النقض إبقاء عين ما كان ولا شبهة في تعدّد القضيّة العامّة مع الخاصّة فلا يصير الثاني إبقاء للأوّل ، والمفروض في المقام أنّ ما كان إنّما هو قضيّة عامّة وهو حكم وجوب الجمعة على جميع الناس فكيف يصير عدم نقضه قضيّة خاصة وهو حكم وجوبها على جماعة خاصّة ، وبالجملة منشأ هذا التوهّم اختصاص أصل