الأخبار محفوظة فنحكم بالتخيير بين الفتاوى مع عدم علم بالمعارضة وبعد العلم يكون المرجع هو الأعلم ، فالفحص عن الأعلم في صورة الشك في المعارضة غير واجب ، وبعد إحراز المعارضة واجب ، هذا هو الحال في الفتوى . وأمّا الخبر فالواجب فيه الفحص في صورة الشك في أصل المعارضة وبعد إحرازها عن عدم الأقوى ؛ وذلك لأنّ دليل التخيير في الخبر علَّقه على المعارضة الواقعية وعدم الأقوى ، وأمّا أدلَّة أصل الحجيّة فناظرة إلى حال عدم المعارضة الواقعيّة ، فلا جرم عند تردّد الأمر بين المعارضة وعدمها نشكّ في تحقّق موضوع الحجيّة في الخبر والبناء على حجيّته موقوف على الفحص ووجدان عدم المعارض أو وجدان عدم أقوائيته . ثمّ إنّ في المقبولة ذكر الأعدل والأصدق في الحديث والأورع مع الأفقه فهل المرجّح هو المجموع أو كلّ مرجّح مستقلّ ؟ الظاهر الثاني ، بقرينة قول السائل : فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر ، فإنّه يعلم منه أنّ المعيار مطلق الفضل ولا خصوصيّة لوصف الاجتماع فيستفاد منه أنّ مع التساوي في الفقاهة لو كان أحدهما أورع فهو المقدّم . إن قلت : الظاهر كون الرواية بصدد المرجّحات في الرواية لا في الفتوى ؛ فإنّ الأورعيّة والأصدقيّة والأعدليّة بهذا المقام أنسب منها بباب الفتوى بل وكذا الأفقهيّة ؛ فإنّ الأفقهيّة في مقام الفتوى إنّما تصير مرجحا لكونه أبصر بفهم معنى الرواية ، وفي المقام قد فرض أنّ بيد كلّ منهما رواية غير ما بيد الآخر ، وأيضا فالمرجّحات المتأخّرة من مخالفة العامّة وموافقة الشهرة أصدق شاهد على ما ادّعينا فإنّهما للترجيح في الرواية بلا شبهة .