المعنى من الممكن فيه اعتبار لزوم البقاء على ما اختاره في الواقعة الأولى في سائر الوقائع واعتبار التخيير في كلّ واقعة من دون لزوم محذور أصلا ، وكذلك لو فرضنا عدم الإطلاق في الأدلَّة بالنسبة إلى ما بعد الاختيار لا مانع من جريان الاستصحاب . وحيث إنّ الكلام مبنيّ على اختيار أحد الوجهين في الأخبار فنقول : من القريب جدّا أن يقال : إنّ المتفاهم عرفا من أمثال هذه الأوامر أعني قولهم : « لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يروي عنّا ثقاتنا » وقولهم : « فللعوام أن يقلَّدوه » وقولهم : « بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك » إلى غير ذلك إنّما هو تطبيق العمل الخارجي دون التعلَّم والعقد القلبي ، واللفظ وإن كان هو الأخذ لكن ينساق إلى الذهن أنّه قد عبّر عن نفس العمل الجوارحي بهذا التعبير . فإن قلت : فما معنى حجيّة الخبرين أو الفتوائين المتعارضين حينئذ ؛ فإنّه لو كان المأمور به هو الأخذ والتعلَّم القلبي أمكن أن يقال : إنّ الحجية تتبع الأخذ فبأيّ أخذ وتشبّث كان هو حجّة بينه وبين ربّه ، وعلى هذا لا بدّ أن يكون المبهم بين الأمرين حجّة ولا معنى لحجيّة المبهم بالنسبة إلى المدلول المطابقي . قلت : لا مانع منه كالملكيّة المشاعة فاختيار تعيينه بيد المكلَّف يجوز له إخراجه عن الإبهام تعيينه على هذا أو ذاك . وحاصل ما ذكرنا أنّ المتبادر من الأخبار هو العمل باعتماد على قول العالم لا مجرد عقد القلب على المضمون فلا يحصل امتثال هذه الأخبار بمحض البناء القلبي ولو لأجل العمل ما لم يلحقه العمل فالمقصود الأصلي هو العمل لكن