بل ربّما كان مبغوض الإكرام ، بل لمصلحة في نفس الإرادة المنشأة الجدّية ، ولو كانت المصلحة ضرب القانون ، ثمّ إذا وصل محلّ بيان إرادته اللبيّة بالنسبة إليه أظهرها . وأمّا في المقام فأراد جدّا ( زيد ) من قوله : رأيت علماء هذا البلد ، وأراده أيضا جدّا من قوله : ما رأيت زيدا قط ، فلا محالة إحدى هاتين الإرادتين الحاكيتين للنسبة الخارجية صدق والأخرى كذب ، فيكون القائل مأخوذا ومحجوجا عند أهل العرف بهذين القولين وهو غير مأخوذ ومسؤول عندهم بنظرهم في الإنشاءات . وأقوى شاهد على هذا المدّعى باب الإقرار حيث إنّه لو أقرّ لزيد بعشرة دراهم إلَّا واحدا كان الثابت تسعة لأنّه مقدار المقرّ به ، وأمّا إذا أخّر الاستثناء إلى مجلس آخر لا يسمع منه ولا يجمع بين كلاميه ، ولا يقال : إنّه وإن انعقد ظهور كلامه الأوّل واستقرّ لكن الكلام الثاني أوجب نقصان حجيته العقلائية ، فلا يصحّ نسبة إرادة العاشر إليه ، ومن المعلوم أنّ النفوذ الشرعي متعلَّق ، بما صار موضوعا للحجيّة العقلائيّة ، بل يقال : إنّ كلامه الأوّل إقرار بالعشرة ، والثاني إنكار عقيب الإقرار وهو غير مسموع ، وما دام لم يكن تهافت عرفي بين الكلامين - مع قطع النظر عن حكم الشرع - لما كان لهذا وجه . وحينئذ نقول في المقام : إنّ أداة الشرط دالَّة على علَّية المدخول ، فإذا قيل : إذا جاء زيد فأكرمه ، فكأنّه قيل : المجيء علَّة لوجوب الإكرام ، وهذا لا يجامع مع قولنا : المجيء راكبا علة للوجوب ، فإنّ العلَّية أمر واقعي إمّا ثابتة وإمّا معدومة ، وليست كالإرادة لها مرتبتان : مرتبة الاستعمال ومرتبة اللَّب ، وهذا هو السرّ في