التصديق في خبر الثقة معناه العمل الخارجي على طبق الفتوى فمحصّل وجوب البقاء حرمة الجمعة وهو معارض مع الفتوى بوجوبها ، ففي الحقيقة هنا فتويان : أحدهما بالحرمة والآخر بالوجوب ، فلا بدّ من تساقطهما والرجوع إلى مقتضى العلم الإجمالي من الأخذ بأحوط القولين . والجواب أنّ هذا الكلام في غاية السقوط فإنّه يستلزم محاليّة اجتماع هذين الفتوائين للمجتهد الواحد ، إذ يصير بمنزلة القطع بالمتناقضين مع بداهة إمكانه ، والسرّ أنّ أحدهما فتوى في المسألة الأصوليّة والآخر في الفرعيّة ، ومن الممكن في الواقع وعالم الثبوت أن يجتمع حكم وجوب الجمعة وحكم حجيّة قول الميّت تعيينا دون الحيّ ؛ إذ ليس هذا إلَّا الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري الذي قد فرغنا منه ، وإذا أمكن اجتماع الفتوائين للمجتهد فيتحقّق في حقّ المقلَّد أمارتان : إحداهما : تكشف عن حكمه الواقعي الأوّلي ، والثانية : عن حكمه المجعول له في طول الواقعي فإن كان أمكن له الجمع تعيّن عليه فمع عدمه كان مخيّرا . ثانيها : أنّ الشك في المسألة الفرعيّة مسبّب عن الشك في المسألة الأصوليّة ، فالشكّ في وجوب الجمعة وحرمتها مسبّب عن الشك في وجوب البقاء والعدول ، فالفتوى بوجوب البقاء مزيل لموضوع الفتوى بوجوب الجمعة . والجواب أنّا قد فرضنا اجتماع الفتوائين للمجتهد وفرضنا مرجعيّته وحجيّة قوله في كلّ من الفتوائين في عرض واحد ولا تمانع بين حجيّتهما كما لا تمانع بين ذاتهما ، والحاصل قد يقال : إنّ الشكّ في حجيّة الفتوى في الفرع وعدم حجيّته ، مسبّب عن الشك في حجيّة فتواه في الأصل وعدمها فالارتكاز رافع للشك الثاني ، والفتوى في الأصل رافع للشك الأوّل وهذا غير صحيح ؛ لأنّ دليل