الذي ذكرنا لا بأس أن نذكره والإشارة إلى ما فيه ، قال - قدّس سرّه - بعد ذكر الإشكال المعروف من أنّ الموضوع للحجيّة المستصحبة وهو الرأي والظن قد انتفى بما حاصله : إن قلت : نحن نستصحب الأحكام التي كانت مجعولة عقيب أنظار المجتهد وليست ظنون المجتهد فيها إلَّا واسطة في الثبوت لا واسطة للعروض ، فليست الظنون معروضة لهذه الأحكام حتى يرد الإشكال الوارد على استصحاب الحجيّة . قلت : أوّلا : هذا خلاف التحقيق الذي اخترناه في الطرق والأمارات من أنّ مفاد أدلَّتها ليس إلَّا جعل الحجيّة التي من أثرها التنجيز والعذر دون الأحكام المماثلة للمؤدّيات ، وثانيا سلَّمنا أن مفادها جعل الأحكام لكن ظنون المجتهد ليست حالها حال القطع في عدم وقوعها وسطا لثبوت الأحكام لمتعلَّقاتها فلا يقال : صلاة الجمعة معلومة الوجوب ، وكلّ معلوم الوجوب واجب مقدّمته ، بل نقول صلاة الجمعة واجبة وهكذا ، وأمّا عند قيام الطريق المعتبر نقول : صلاة الجمعة ممّا قام الدليل المعتبر على وجوبها ، وكلَّما قام الطريق المعتبر على وجوبه فهو واجب ، فعلم أنّ حال استصحاب الحكم حال استصحاب الحجيّة . أقول أوّلا : ما ذكره من أنّ التحقيق في الطرق جعل الحجيّة ، فيه بعد تسليم إمكان جعل الحجيّة ابتداء ، أنّه لو لم تستتبع هذه الحجيّة حكما كما لم يستتبعها حكم فليس حاله إلَّا حال الحجيّة التي يحكم بها العقل في حال الانسداد في الظنون المطلقة في أنّه لا يجوز نسبة مضمونها إلى الشرع ؛ إذ الحجيّة لا تفيد إثبات الواقع ، فاللازم على هذا المبنى عدم التمكَّن في العبادات من قصد القربة الجزميّة