الجهد حتّى أسّس القوانين وأتقن المباني الأصوليّة لو وصلت المطالب بتلك المرتبة والمنزلة إلى أهل عصرنا بدون تنقيح الميرزا والطبقات المتأخّرة لما وصل أنظارهم معشار ما وصل إليه الميرزا ولم تبلغ قوّتهم وزحمتهم معشار قوّته وزحمته ، ثمّ إذا خرجت هذه التنقيحات من يد الميرزا ووقعت في أيدي المتأخّرين عنه كانوا لا محالة فارغين عمّا شيّده الميرزا فصرفوا الهمّة على ما زاد من المطالب التي لا يجد الفرصة للتنبيه لها أصل المؤسّس لأنّ شغله كان نحو التأسيس وصرفه ذلك عن إصلاح الفروع . وهكذا الحال في شيخنا المرتضى الأنصاري - قدّس سرّه - فلا يبلغ معشار نظره وقوّة علميّته وهمّته أهل عصرنا ، لكنّ المباني التي أحكمها والأصول التي خرجت من بنان أفكاره لم تفت عمّن تأخّر عنه ، بل بقيت بعده ثابتة في كتبه ، فالدورة المتأخّرة صاروا جامعين لنتائج مساعي هؤلاء الفحول التي أبقوها لهم مضافا إلى أنظار أخبر يعملونها فوق هذه المباني ، ويصلون إلى بعض خصوصيّات شغل صاحب المباني عن الالتفات بهذه الدقيقة شغله إلى الشأن الأعظم ومصروفيّة همّته إلى تأسيس البنيان المستحكم . فالعلم بناء على هذا يكون مترقّيا ومنتقلا من النقصان إلى الكمال ، فالأعلميّة التي هي معيار التقليد موجود في المتأخّر والأعلميّة بمعنى ازدياد القوّة واشتداد الفحليّة في العلميّات موجود في المتقدّم من مثل الميرزا والشيخ - قدّس اللَّه أسرارهما وأسرار سائر علمائنا الماضين وأطال عمر الباقين منهم سيّما أستاذنا الأعظم وعمادنا الأفخم . ثم إنّ للمحقّق الخراساني - طاب ثراه - في كفايته كلاما على الاستصحاب