عنه الحكم موهوما لا يعتني باحتماله العقلاء ، نظير احتمال الخطاء في حسّ غيره وهذا أمر ارتكازي ثابت في كلّ باب ، وكذلك الحقّ أيضا عدم التفرقة في الارتكاز بين الحيّ والميّت ، كما نشاهد في المعمار الذي يقوّم العمارة فإنّه لا يفرقون في أخذ قوله بين حياته ومماته ، نعم لو حصل للعامي اشتباه من هذه الجهة ، إمّا لإجمال ارتكازه أو لاحتماله الرّدع الشرعي من أجل ما قرع سمعه من أهل العلم فألجأه ذلك إلى السؤال عن العالم الحي فإن أجابه هذا الحي بالجواز أو اللا جواز فإن لم يعلم من الميّت في هذه المسألة قول لا نفيا ولا إثباتا ، فلا ينقدح في نفسه المعارضة بين هذه الفتوى من الحيّ والفتاوى الصادرة من الميّت في الفروع . كما هو الحال في ثقتين أخبر أحدهما بمجيء زيد والآخر بعدم اتّباع قول الثقة الأوّل ، فإنّهم يأخذون بالثاني ؛ لعدم التنافي بين المدلولين ؛ إذ ليس عدم الحجيّة مساوقا للكذب ، نعم ينقدح التعارض لو فرض للميّت قول بالجواز في هذه المسألة مع قول الحيّ بالعدم مثلا . وأمّا كلماتهم في هذا المقام ، فقد ادّعى في المعالم أنّ العمل بفتاوى الموتى مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت مع وجود الحيّ ، وقد ادّعى غيره على عنوان التقليد وغيره أيضا ، لكنّه يحتمل أن يكون هو أيضا بمعنى الرجوع . وبالجملة فنحن ندور مدار صدق اسم الرجوع وأنّه هل يتحقّق بمحض الالتزام القلبي على أخذ المسائل من فلان ، فيقال : إنّه رجع إليه فإذا مات قبل الأخذ ، يقال إنّ رجوعه كان إلى الحي ، أو لا بدّ مع الالتزام من الأخذ ولو إجمالا ، أو لا يصدق إلَّا مع الأخذ تفصيلا ، أو لا بدّ معه من العمل في مقامات الابتلاء ، فإذا فرضنا صدق الرجوع إلى الحيّ في حقّ الأخير وأنّ بقاءه ليس من الرجوع إلى الميّت حتّى يمنعه الإجماع كان المرجع في حقّه الاستصحاب .