وعلى هذا فكلّ مورد قطعنا بحرمة البقاء من جهة الإجماع انقطع حكم الاستصحاب بانقطاع موضوعه ، وكلّ مورد شككنا في شموله بحسب الإجماع فالخروج عن شبهة الإجماع يقتضي العدول إلى الحيّ والاستصحاب يقتضي البقاء على الميّت ، فلا بد إمّا من الاحتياط بالأخذ بأحوط القولين ، وإمّا من إثبات الإجماع على العدول إلى الحيّ والخروج عن الترديد والشبهة . ولكن يمكن أن يقال : لا نحتاج إلى تجشّم هذا المعنى بل يمكن القول بأنّ الرجوع إلى الحيّ مطلقا على وفق القاعدة حتى في موارد شبهة الإجماع وجريان استصحاب تقليد الميّت فيكون الرجوع إلى الحيّ قدرا متيقّنا في جميع الأحوال ، وتوضيح ذلك : أنّه بعد أنّ أصل رجوع الجاهل إلى العالم أمر مفروغ عنه ولا يشكّ فيه المقلَّد ، لو حصل له الشكّ في خصوصيّة اشتراط الحياة وعدمه فهو في هذا الشك والتحيّر لا محالة يلتجئ إلى باب الحيّ ويسكن نفسه بما أرشده إليه ممّا هو وظيفته وتكليفه من جانب اللَّه تعالى فهذا أيضا بصرافة طبعه وحكم ارتكازه . فهذا العالم الحيّ الذي يصدّق هذا العامي في رجوعه إليه واختياره له مرجعا ويصدّق ارتكازه الحاكم عليه بذلك بملاك خبرويّته في أحكام اللَّه يرى أنّ لنفسه رأيين أحدهما قطع وجدانيّ مثلا بحكم وجوب الجمعة وأنّ ذلك هو حكم اللَّه الثابت في لوح اللَّه المحفوظ المشترك فيه جميع المكلَّفين الذين منهم هذا العامي المستريح إليه . والآخر ما هو مقتضى الاستصحاب من بقاء هذا المقلَّد على ما كان في زمن حياة الميّت من الرجوع إلى فتاويه التي منها حرمة الجمعة مثلا ، فهو وإن كان لا يرى نفسه موضوعا للاستصحاب والحكم الظاهري أصلا لكونه قاطعاً بالواقع ،