وأمّا الحكم الطريقي فليس معلَّقا بعنوان المشكوك ، بل بمؤدّى شيء لسانه الحكاية عن الواقع وكما أنّ نفس الحاكي ينظر في مؤدّى خبره بعين الواقع ولا يرى المغايرة بينه وبين الواقع ، كذلك مفاد الدليل الذي يعطي الاعتبار والتصديق العملي إيّاه هو جعل حكم مماثل بعنوان أنّه مع الواقع منطبق ومتّحد ، والاحتمال للمغايرة وإن كان موجودا وجدانا لكنّه يدفعه ويبنى على خلافه ويفرضه كالعدم ، هذا حال الدليل الثانوي بحسب ماله تصوّرا من الأقسام . وأمّا الدليل الأوّلي فقد يكون التحكم فيه معلَّقا على الموضوع الواقعي الحقيقي كما هو المعنى لقوالب الألفاظ ، وقد يكون معلَّقا على الأعمّ من الواقع الحقيقي والتنزيلي كأن يكون المراد من الخمر في دليل لا تشرب الخمر أعمّ من الخمر الواقعي ومن التنزيلي ، أعني ما ثبت خمريّته باستصحاب أو أمارة ، وكذلك الدليل على أنّه لا يجوز الصلاة في جزء محرّم اللحم أريد منه الأعم من المحرّم الواقعي والتنزيلي ، يعني ما حكم عليه الشرع إمّا بلسان الأمارة أو بلسان الأصل أنّه حرام . وحينئذ فنقول : لو كان الدليل الأوّلي مفاده الحكم على الأعم من الموضوع التنزيلي والواقعي بأن يكون دليل إثبات شرطيّة طهارة لباس المصلَّي وبدنه ودليل إثبات مانعيّة حرمة لحم الحيوان الذي لبس جزأه المصلَّي أو شرطيّة حليّته مثبتا للشرطيّة للأعمّ من الطهارة الواقعيّة والظاهريّة ، وكذلك المانعيّة للأعمّ من الحرمتين أو الشرطيّة للأعمّ من الحلَّيتين فلا إشكال في أنّه لو اقتضى أصل أو أمارة في الشبهة الموضوعيّة أو الحكميّة طهارة اللباس أو حلية الحيوان فاللازم ترتيب أثر الصحّة بعد انكشاف الخلاف .