فهم السببيّة لا إشكال فيما ذكر . وهنا تفصيل آخر ذهب إليه صاحب الكفاية وهو الفرق بين الأصول الجارية لتنقيح موضوع التكليف شطرا أو شرطا وبين الطرق كذلك ، توضيح المقام : أنّ تقييد الحكم بالعلم بنفسه دور كما تقدّم ، فلا يمكن تقييد حرمة اللحم مثلا بالعلم بالحرمة ، كما أنّ تقييده بالعلم بموضوعه كتقييد الحرمة بالخمر المعلوم الخمريّة لا مانع منه ولذا لم نستبعده في محلَّه جمعا بين الأدلَّة الواقعيّة والدالَّة على رفع ما لا يعلمون . وأمّا لو كان للحكم حكم وأثر فبالنسبة إلى هذه الآثار يمكن دخل العلم بالحكم ولا يلزم دور ، فالدليل الدال على أنّ الحيوان المشكوك حلال لحمه بالنسبة إلى الحرمة الواقعيّة المرتّبة على اللحم لا يوجب تقييدا ولا تصير الحرمة الواقعيّة مقيّدة بحال العلم بنفسها ، وأمّا بالنسبة إلى أثرها وهو مانعيّة وبره وسائر أجزائه للصلاة فيمكن تقييده لدليل هذا الأثر ، فيكون ما دلّ على أنّه يبطل الصلاة في وبر ما لا يحلّ لحمه مخصوصا بما يعلم كونه لا يحلّ لحمه ، وأمّا ما لا يحلّ لحمه الذي يشك في حرمة لحمه فهو غير مانع واقعا وإن كان حراما واقعا أيضا . وحينئذ فنقول بحسب مقام التصوّر : إنّه قد يكون الدليل المرتّب لهذه الآثار مرتّبا لها على الأعم من الحرام الواقعي والحرام الظاهري فحينئذ يتحقّق المصداق حقيقة للموضوع ولو ثبتت الحليّة الظاهريّة بلسان الطريق لا الأصل ، وقد يكون مرتّبا لها على خصوص الحرام الواقعي فحينئذ لسان الأصل والطريق يفترقان ؛ فإنّ الطريق المثبت للحليّة لسانه أنّ هذا هو ذاك الحلال الواقعي الذي ليس وبره مانعا فما دام هذا اللسان موجودا يكون العبد معذورا ، وإذا ارتفع كذبه وأنّ ما