وأمره بشراء الدواء من السوق فلم يسمع نداءه ولكنه الحال يحتمل تسكين الوجع أو شراء غيره لذلك الدواء ، فهل ترى أنّ العقل يرخّصه في العقود وترك الفحص ، أو يوجب عليه المبادرة ويحكم في حقّه بابتلاء الرقبة ؟ لا ينبغي الارتياب في حكمه بالثاني ، ومن هنا لا يفرّق في باب العلم الإجمالي بين طروّ الخروج عن محلّ الابتلاء في أحد الطرفين بعد العلم ، أو سبقه على العلم في أنّ الحكم فيهما معا هو الاشتغال ، ولزوم الاجتناب عن الطرف المبتلى به . أمّا في الأوّل فواضح ، وأمّا في الثاني فلمشاركته مع المقام في أنّه فارغ عن الجهات الراجعة إلى تكليف المولى ، وإنّما الشك في فعليّة الخطاب وحكم العقل في مثله الاشتغال وبابه باب الشك في القدرة ، فمتى علم بمطلوب مطلق للمولى وشكّ في أنّ هذه الحركة منه وافية بذلك المطلوب المطلق أولا ، فليس له التقاعد بل يجب عليه الإقدام ، كما أنّ الشاكّ في القدرة أيضا شاكّ في فعليّة التكليف وبصرف ذلك لا يجوّز له التقاعد ، بل يوجب عليه إعمال الوسع حتّى يتيقّن بالعجز . ومن هنا يظهر الخدشة في إطلاق تفصيلهم في باب العلم الإجمالي بين الاضطرار الطاري إلى واحد معيّن من الطرفين ، والاضطرار السابق على العلم بالاشتغال في الأوّل والبراءة في الثاني ، فإطلاقهم البراءة في الثاني ، يشمل ما إذا علم بتماميّة جهات التكليف من قبل القيود الشرعية في زمان سابق على زمان طروّ الاضطرار وكان حدوث العلم بعد الزمان الثاني . مثاله ما إذا حدثت النجاسة في أحد الإنائين في الساعة الأولى من النهار ، ثمّ حدث الاضطرار إلى معيّن منهما في الساعة الثانية ، ثمّ حصل العلم مع بقاء الاضطرار المذكور بالنجاسة المذكورة في الساعة الثالثة ، فإنّ مقتضى ما ذكرناه هو