المدارك التي قد ناقشها هو ووصل نظره إلى فساد جميعها جاهلا مركبا ، فكيف يندرج مثله في رجوع الجاهل إلى الخبير فنحن نقول في المقام أيضا : إنّ هذا المقلَّد ذو طريق معتبر عقلائي على خطأ نظر هذا الذي يرى الانفتاح وفساد مدركه ، وأنّه ما تخيّله مدركا مجرّد تخيل لا واقع له وهو قول الآخر الذي فرض أخبر منه ومخطئا إيّاه ، ومجرّد كون الشخص في الأوّل بنفسه مدركا لخطاء المجتهد القائل بالانفتاح وهو هنا جاهل بنفسه لا يوجب الفرق ، إذ هذا أيضا مثل سائر المطالب التي يرجع فيها إلى الأخير بحالها من لا خبرة له . وأمّا صورة المساواة فلا كلام في أنّ الأدلَّة الأوّليّة قاصرة عن إثبات الحجيّة عند التعارض ، نعم حجيتهما الذاتية بمعنى أنّ كلا منهما بحيث لو لا الآخر كان حجّة محفوظة ، وحينئذ فلو لا دليل ثانوي ناظر بعلاج التعارض كما ورد في الخبرين فالأصل هو التساقط ، وإذن فلا إشكال في سقوط قولهما في هذه المسألة . أمّا قولك : هو لم يخرج في سائر المسائل الفرعية عن كونه خبرة حقّ لكنّه لا ينفع ؛ إذ قول الخبرة إنّما هو حجّة لإراءته لإصابة مؤدّاه ، وبعبارة أخرى : لو كان مفاد قوله : من عرف إلخ حجيّة قول الأشخاص المخصوصين المعرّفين بهذا العنوان ، كنّا ندور مدار صدق هذا العنوان ، فنلاحظ أنّ أيّ شخص يصدق عليه أنّه يعرف الحلال والحرام فنحكم عليه بوجوب اتّباعه ، وأيّ شخص لا يصدق هذا العنوان عليه فيخرج عن حكم وجوب الاتّباع ، لكن ليس المفاد مجرد المعرّفية ، بل مفاد الأدلَّة كلا من اللفظيّة واللبيّة هو اتّباع قول الخبرة من باب أنّ الإنسان بفطرته يقدر بعد إخباره عن الواقع على تطبيق الواقع على مؤدّى خبره ، فكلَّما لم يحصل له ذلك فلا بدّ من الوقفة ولو فرض كونه خبرة .