غرضهم المنع عن مثل هذا فلا وجه له أصلا ؛ فإنّ المداليل العرفيّة لها واقع محفوظ فإعمال الوسع في معرفتها أيّ مانع يمنع منه وأيّ إخباريّ لا يعمل ؟ هذا في الفقه وكذلك الوصول إلى حكم اللَّه بمقدّمة عقليّة ، كمسألة الأمر والنهي ، فإن كان غرضهم أنّه ليس للعقل حكم واقعي أصلا بحكم اللَّه ومقدّمات واقعيّة إليها فممّا يكذّبه كلّ أحد ، وإن كان الغرض المنع من تعرّضها فما المانع من التصدّي لما له واقع وفهم الواقع أيّ بأس به وأيّ فرق بين فهم رضا اللَّه تعالى أو عدم رضاه بعمل بواسطة مقدّمة عقليّة وبين فهم المسائل الأصولية الراجعة إلى أصول العقائد بتوسّطها ؟ وبالجملة مرام الأصولي ليس إلَّا أنّ للوظائف بمراتبها واقعا ، وإعمال المقدّمات الفقهية والأصوليّة من العقليّة والشرعيّة أيضا لها واقع يوصل إلى تلك الوظائف ، فإن كان النكير راجعا إلى هذا فهو منع وسدّ لباب التصدّي لمعرفة الواقع بالطرق الواقعيّة ، وإن كان راجعا إلى أنّه ليس لأحد الاستبداد بالرأي والاستقلال بالحكم من عند نفسه بمجرّد استحسان واعتبار عقلي مساعد فأصحابنا الأصوليون بريئون عن ذلك حاشاهم بتفوّه أحدهم بجوازه . وأمّا رجوع الغير ، فهذا القسم أيضا واضح لأنّ المفروض إحراز الإصابة وعدم اختصاص الوظائف بشخص المصيب ، نعم احتمال كذب المفتي في إخباره عن فتواه ربّما يكون حاصلا وإذا ورد التعبّد من ناحيته أيضا فلا إشكال ، وأمّا إذا كان هذا الاحتمال أيضا مسدودا فاللازم عدم الفرق بين حال الحياة والممات ؛ فإنّ المفتي مات وأمّا أحكام اللَّه فلم تمت ، والمفروض إحراز الإصابة والصدق . نعم في القسم الثاني - أعني صورة الاطمئنان بالإصابة حيث إنّ التعبّد